دخول

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرغبات الانسانية في ثقافة الدين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرغبات الانسانية في ثقافة الدين

    الرغبات الانسانية في ثقافة الدين

    من أجل بيان الحد الغرائزي لحيازة الاموال

    من المؤكد ان للرغبات الانسانية قاموس مفتوح لا يغلق وكل جيل يشطب قائمة من رغبات الاباء ويستحدث قائمة لرغبات انسانية مستحدثة وذلك نتيجة حتمية للحراك العلمي والثقافي والتقني الا ان مجمل الرغبات الانسانية مرتبطة ربطا مباشرا بغرائز انسانية مغروسة في النفوس بموجب نظم خلق ثابتة تمتلك قوانين نافذة شاء الانسان أم ابى الا ان الناس يختلفون فيما بينهم في قدرتهم على التحكم بتلك الغرائز كما يمتلكون قناعات مختلفة ووسائل مختلفة في اشباع تلك الغرائز .

    (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً) (نوح:14)

    اذا رسخ بين يدي الباحث عن الحقيقة التكوينية ان الرغبات مهما اختلفت اشكالها ومسمياتها ووسائلها انما ترتبط بسنن خلق تكوينية فان رصد تلك السنن يعني وضع الرغبات الانسانية في تقسيمات عقلانية محددة استنادا لروابطها في الخلق وليس استنادا لتنوع الرغبات وتكاثرها ومسمياتها ووسائل الاستحواذ عليها ومن تلك الراسخة يحتاج الباحث الى قراءة الفطرة الانسانية المعـَرّفة للعقل ومضاهاتها بفطرة المخلوقات الاخرى حيث تبرز بوضوح خصوصية مرابط الرغبات الانسانية وفي هذه النقطة البحثية لا يحتاج الباحث عن الحقيقة مختبرات تقنية او نظريات بشرية بل يحتاج الى الاقتراب من فطرته التي يعرفها بسهولة من خلال جهد فردي مستقل والاستقلال المطلوب هو الاستقلال عن الحراك الفكري القائم .

    عندما نرصد الرغبات الحيوانية لوحدها سنجد ان الحاجات الحيوانية تنحسر في الحاجات الجسدية والحاجة للتناسل وتلك غرائز حيوانية لا ثالث لها ... الغذاء والتكاثر سمة غرائزية حيوانية واضحة للباحث وكل ما يصاحب غرائز الحيوان تصب في مطلبين محددين فان نجد عند الاسماك مثلا او عند بعض الطيور غريزة الهجرة من مواطنها الاصلية موسميا نرى بوضوح ان تلك الهجرة هي لغرض التكاثر في اجواء مناسبة كما نرى في الحيوان رغبات جنسية الا انها محددة للتناسل فقط ولا تظهر الرغبة الجنسية عند الحيوان الا لغرض التكاثر وهي تختلف عن الانسان وظيفيا كما نلاحظ في بعض الحيوانات غريزة السبات في مواسم البرد الشديد فهي غريزة جسدية محض لمقاومة الهلاك وعندما نلاحظ مخلوق النحل الذي يخزن الغذاء انما هي غريزة جسدية لغرض خزن الغذاء في موسم اختفاء حبوب الطلع في الشتاء ...

    الانسان يمتلك عقلا اضافيا على عقل الحيوان وهو المستوى العقلي الخامس المنشور بشكل موجز في العديد من طروحاتنا ومن خلال ذلك المستوى العقلي المضاف تفرد الانسان غرائزيا بما يختلف عن الحيوان واصبح يختلف في سلوكيته الغرائزية ليس في واصفة تبديل لسنن الله ذلك لان سنن الخلق لا تتبدل بل حصل الانسان على (سنن مضافة) وبما انها ترتبط بسنن الخلق الاساسية ظهر انها تختلف في الانسان وتتشابه مع الحيوان فالرغبة الجنسية تبقى في الانسان لغرض التكاثر مضافا اليها سنة الرغبة الجنسية لاغراض غير تكاثرية ..!! غريزة الحاجات الجسدية عند الانسان هي نفسها عند الحيوان الا ان الانسان امتلك نوعين من السنن المضافة وهما

    الاولى : خزن الحاجات بقصد حيازتها ليس لغرض حاجتها أي ان الانسان يخزن الحاجات مع عبور سقف حاجته منها لغرض سنراه بعد سطور

    الثانية : ربط مرابط الخلق حيث منح الخالق مخلوق الانسان من خلال المستوى العقلي الخامس قدرة ربط مرابط الخلق (خليفة) ومن تلك السنة استطاع الانسان حرث الارض وانبات البذر وحصد الغلة ومن ثم طحن الحبوب وتخميرها وشويها في الفرن لتكون له غذاءا ومنحه سنة غزل القطن والصوف وحبكه بخيوط في الطول واخرى في العرض ليصنع نسيجا ومن ثم يجعله ثوبا ..!! انه الانسان الذي يقوم بنقل مرابط الخلق التي خلقها الخالق ويعيد ربطها ليغطي حاجاته وهذا الرصد يفرد الانسان عن الحيوان غرائزيا وهو الذي خضع لما سمي بـ (التطور الحضاري) الذي مارسه الانسان منذ اول وجود له على الارض فتلك سنة كان يمتلكها ولا مجال لتصديق نظريات (الانسان البدائي) ذلك لان نصا قرءانيا دستوريا يدحض مثل تلك التصورات

    (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً) (نوح:14)

    (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب:62)

    فصناعة الخبز التي لا يعرف تاريخها استخدمت فيها نظم زراعية وفيزيائية (طحن) وبايولوجية (تخمير) ومن ثم فيزياء (التنور) لشوي الخبز ولا يعرف تاريخ تلك المعارف الانسانية فهي عميقة في بطن التاريخ كما استطاع الانسان القديم دباغة الجلود وهي تفاعلات كيميائية معقدة للغاية ولا تزال غير معروفة بشكل علمي دقيق ... الفخار والسيراميك واستخدام الحديد والنحاس والفضة والرصاص من المعارف الانسانية الموغلة في تاريخها وبالتالي فانه كان يمتلك نفس السنة الغرائزية التي يمتلكها انسان اليوم الا ان (التطور) الذي حصل في برنامج الخليقة المعاصر ما هو الا وسعة في تلك السنة في الخلق وليس استحضار لسنة خلق جديدة أي ان التطور شمل اتساع المعالجة الانسانية لسنة موجودة فيه اصلا فالتطور لم يشمل العقل البشري المخلوق بل كان ويكون الحراك التطوري هو وسعة في مساحة استخدام سنة مخلوقة من سنن العقل ..!!

    من خلال سنة خلق الانسان التي منحها الله له جعل في تلك السنة اختلاف (الاطوار) وذلك الاختلاف في الطور الذي وضع الانسان في غرائزية ممنهجة بما يختلف عن الحيوان حيث اصبح الانسان مخلوقا اجتماعيا يتبادل (الطور) مع مختلفه فالخياط يمتلك طورا حرفيا غرائزيا لا يمتلكه النجار وهو يختلف عن الحداد والصائغ .. و .. و .. فاصبح الانسان متفردا في تبادلية مجتمعية بحيث جعله الله قادرا على (تبادل الحاجات) فالخياط يبادل حاجاته مع الحداد في نفس الوقت الذي يتبادل الحداد حاجته مع الخياط فاصبح الانسان يمتلك رغبة (الحيازة) بشكل مختلف عن الحيوان وهي نقطة ضعف الانسان وهي علة العداوة والبغضاء التي وقع فيها

    (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر:20)

    فكل الحاجات الانسانية يتم اشباعها في المأكل والملبس واخطرها الجنس الا حاجة واحدة هي (الحيازة) فحب الحيازة (التملك) ليس لها سقف يمثل مؤشر الاشباع فتلك الرغبة ليس لها حد اعلى فهو مفتوح لا يتوقف عند حد وهو الخطر الذي يداهم الانسان في عدوانيته المجتمعية

    (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (لأعراف:24)

    بعض المفكرين تنحرف مساربهم الفكرية فيتصورون ان الله جعل العداوة في سنة الانسان (بعضكم لبعض عدو) الا ان فهم لفظ (عدو) يتضح ان العداوة تصنع من قبل الانسان فلفظ عدو في الفهم هو (رابط نتاج منقلب المسار) فاليهود مثلا ربطوا وطنيتهم في فلسطين (نتاج عقلي) وهو رابط (منقلب المسار) مع رابط الفلسطينيين باعتبار فلسطين وطنهم فاصبحوا اعداء ..!! السارق (عدو) المسروق لانه ربط حاجته في انقلاب سريان حاجة صاحب المال المسروق فاصبح عدوا .. فالعداوة هي الاصل النابع من رغبات انسانية في الحيازة حتى الحيازة الفكرية فالذين يحوزون فكرا انما (يربطون افكارهم مع نتاج فكري محدد) فعندما ينقلب مساره مع رابط فكري اخر تقوم العداوة العقائدية وهي نتيجة الحيازة ايضا فالحيازة المادية (الحاجات) والحيازة الفكرية (معتقدات) وهي سبب مباشر في عداوة البشر بعضهم لبعض (عدو) فان عرف المتدينون تلك الحقائق فان الاحتقان العدائي يخفت كثيرا ويتجرد الانسان المتدين من حيازة الكم كما هي عند الناس الاخرين ويمارس الحيازة النوعية (الوظيفية) التي فطرت غرائزيا في الانسان كما سنرى في سطور لاحقة ... غريزة الحيازة والتملك تبدأ مع طفولة الانسان وفي وقت مبكر وهو في مرحلة الحظانة فقد ورد وصفها في القرءان بشكل واضح أخرج الأءدمي من الجنة التي خلق فيها في كنف ابويه

    (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا ءأدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) (طـه:120)

    وتلك السنة الغرائزية في التملك (الحيازة) تبدأ مع ظهور العلامات الانسانية الاولى في عالم الطفل الذي يريد ان يحوز كل شيء في يده او في فمه فسميت عند الباحثين في السلوكية الانسانية (المرحلة الفموية) الا انها تمثل المراحل الاولى لغريزة التملك البشري وبما يختلف جوهريا عن الحيوان ... عندما يكون الايمان بالله عند سن التكليف تتهذب النفس البشرية لتنظيم تلك الغريزة بصفتها الوظيفية المرتبطة بالاطوار التي فطر عليها الناس فالنساج مثلا يحوز كميات كبيرة من الاقمشة تفوق حاجته الا انه يحوزها لمبادلتها مع حملة أطوار اخرى والحداد مثله والفلاح مثله في تبادلية خلق استنها الله للبشر رحمة من الله وتكريما لمخلوق الانسان الا ان الانسان كفر (قتل الانسان ما اكفره) فانتفخ كثيرا في الحيازة بما يفوق كثيرا عن تصاميم سنة الخلق التي منحها له الله في تبادلية الاطوار التي خلق فيها وهو تصديق لغرائزية وضحها الله في خارطة الخلق (وملك لا يبلى) لكي يكون الحائز لكثير من الاموال ممتلئا فلا يبتلى بالفقر (لا يبلى) الا ان المؤمنين بالله لا يجعلون البلاء بالفقر في حساباتهم فتخفت عندهم رغبات الحيازة في وصفها الوظيفي (مليء الحاجات) ونقرأ

    (إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ) (صّ:54)

    فعندما ترسخ تلك الصفة بعدم نفادية رزق الله فان المؤمن بالله يكبح جماح رغباته في الحيازة حجما ونوعا فاما حجما فهو لا ينوي ان يمتلك كل شيء بنهم وافراط وعدوان على الاخرين واما نوعا فهو لا يتمسك بالحيازة كما هم البخلاء والذين لا يعرفون الله او الذين يشركون مع الله الهة اخرى في الرزق بل ينفق من سعة ما رزقه الله سواء على نفسه او عياله او ارحامه او المحتاجين من حوله وذلك التصرف غرائزي ايضا يحصل في رعيل المؤمنين الذين يتراحمون بينهم فيتنازلون عن حيازتهم المادية (اموال) لمحتاجيها كما جعل الله سبحانه وتعالى للمؤمنين به منفذا تربويا في درجة الاشباع لغريزة الحيازة من خلال كسر حجاب الحيازة في عملية الانفاق وبذلك ينجو المؤمن من صفة البخل المقيتة فيرحم نفسه اولا بالرفاه وعدم الحرمان من حاجات دنياه يرحم عياله ومن معه لانه مؤمن بالله ان رزق الله لا ينفد ولا ينضب في حين غير المؤمن يخاف الانفاق لانه يخاف الافلاس فالبخل هو دليل ضعف الايمان او انعدامه او انه يسعى لمزيد من الحيازة المنتفخة خوفا من الافلاس والابتلاء ...

    (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:261)

    وفي هذا النص وضع الله في برنامجه في الرزق ان يكون المرزوق قادرا على زيادة ما يحوزه ليشبع رغبته بالقدر الذي يرضيه مجتمعيا من خلال وضع حد لرغباته في الحيازة والحد هنا حد نوعي وليس حد كمي فليكن في غريزة المؤمن في رغبات التملك والحيازة الى حدود قصوى تعبر حد التصورات كما جاء في مثل سليمان فلا اثم عليه لانها تطابق سنن الخلق التي رضي الله بها

    (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (صّ:35)

    وهنا قراءة في خارطة الخالق ان الغريزة الانسانية في التملك مفتوحة في حدها الاعلى ولا اثم على من يريد حجوما كبيرة من الحيازة الا ان الحد الغرائزي الذي يطلبه الله من عباده الصالحين المؤمنين ان يكون (نوعيا) وظيفيا بحيث يتنازل المؤمن عن حيازته للمال لغيره من خلال الانفاق وبالتالي يكسر اللاحدود في الحيازة ومنها ينجو من (العداوة) التي تصاحب غرائز الحيازة المالية ويعيش بسلام ويأمن على ماله وعياله فيكون الانفاق في سبيل الله زر الامان في المجتمع وحصانة من الفقر لان رزق الله لا ينفد بل يتنامى كما في مثل حبة من قمح اما التمسك النوعي بالحيازة يوصل الحائز الى متاعب تجعل حيازته للاموال وبالا عليه ومصدر شقاء وعذاب من خلال التيه في عالم الدنيا من اجل المال

    تلك ذكرى من قرءان ... عسى ان تنفع الذكرى

    الحاج عبود الخالدي
    قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

    قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ


  • #2
    سلام عليك أخي الحاج وبوركت

    فطرة الأنسان تختلف عن الحيوان لحكمة من الخالق الديان...فحاجته الجنسيه لاتنقطع بالحمل والحكمة في ذلك ربط الزوجين لبعضهما وحاجتهما لبعضهما لديمومة الأرتباط العائلي...أما بالنسبة للتملك فحب الأنسان للتملك سبب في عمار الدنيا وخدمة المجتمع...فلو توقف الأنسان عن العمل والكسب عندما يكتفي لتوقفت خدماته للمجتمع

    سلام عليك

    تعليق


    • #3
      رد: الرغبات الانسانية في ثقافة الدين

      السلام عليم ورحمة الله وبركاته

      الشكر الجزيل لفضيلة الحاج عبود الخالدي

      يقول الحق تعالى ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) القصص :77

      ميزان رباني عظيم يصف لنا بحكمة بالغة ما أنعم الله على الانسان من حقوق حيازة رغباته دون الاخلال بقواعد ذلك الميزان ،فجزاكم الله ـ السلام عليكم
      .................................................
      سقوط ألآلـِهـَه
      من أجل بيان الشاهد والمشهود في شهادة ان لا إله الا الله

      سقوط ألآلـِهـَه

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X