دخول

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تأمل ...!..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تأمل ...!..


    .
    سلام الله
    بادرني أحد الأصدقاء بهذه التأملات
    فما وجدت سوى جلبها إلى هنا للتباحث بها وتدبرها
    .
    .
    هي بين أيديكم

    .
    .
    تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير(1) الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا(2))...الموت مخلوق! والحياة مخلوق!, هذان الكائنان العجيبان , كيف هو شكلهما , عندما يموت شخص ما, هل نرى الموت ام تاثيره على الشخص ؟ لا يعرف الموت الا من اخذه اليه . حتى رمزية "الكبش الاسود "في الاخره تبقى رمزيه, ولانني مهتم بالحياة اكثر ساحيل السؤال الى " ماهي الحياة"؟ ولماذا قلت "هي وليس هو؟", بدلالة هذه الايه هي مخلوق , يعني كائن حي, مستقل بذاته , قد نشعر بتاثيره كما نشعر بتاثير الموت لكن هل نجزم على اننا قابلنا هذا الكائن الحي؟ وقبل ذلك لماذا اجزم باستقلاليته؟ بمعنى هل هي فعلا كائن مستقل كالحيوان والانسان والشجر؟...

    سابتعد قليلا عن هذه النظره التقليديه. في العمق كلا من الانسان والحيوان والشجر ....الخ. هي نفس الشئ. جميعها تتركب من المكون ذاته " الذره " اصغر وحده بناء , حتى ان الذره ذاتها قد تعد "كائن حي مستقل " كما في وحيدات الخليه, والعجيب ان هذه الكائنات الوحيده المستقله تجتمع لتكون كائن مستقل اخر, وعليه مالذي يمنع هذه الكائنات المستقله الجديده ان تشكل كائنا واحدا مستقلا اذا اجتمعت ؟ والكائن الجديد يجتمع مع كائنات اخرى تشابهه لتكون كائن جديد مستقل واكبر .. ثم اكبر .. ثم اكبر!!!

    ترى هل نشكل نحن البشر وحده بناء لكائن اكبر مستقل؟ فاذا كانت قوانين البناء نفسها من الذرة حتى اخر مجرة في الكون فما الذي يمنع؟ !! وهل يغفل عنا هذا الكائن الكبير كما يغفل احدنا عن احد خلايا جسمه المكونه له ؟ وهي في نظره تمثل دورا بسيطا من اجل حياته هو , حتى اذا ما انتهى دورها تموت لتحل خليه اخرى محلها !! فيكون موت الخليه تجدد حياة للكائن العظيم.

    وهذا التساؤل يحيلني الى إشكال اخلاقي اخر. كيف يكون الجزاء والعقاب للبشر تحت هذا المقترح؟ فهل خلايا جسد الانسان تصنف بافعالها حتى تعرض على جزاء وعقاب؟ ومن يقوم بمحاسبتها ؟ في الحقيقه هناك شيء يشبه هذا . فصراع كريات الدم البيضاء والفيروسات البشريه تشبه صراع الخير والشر !! موت الخلايا الحمراء وانتقالها بتلقائيه الى مكان حفظ "الطحال" تشبة القبور, تمرد بعض الخلايا يؤدي الى استئصالها اما طبيعيا او جراحيا " التقرحات ومرض السرطان "!!..
    ولكن لا يزال الفارق شاسعا لتطبيق المثال البشري ومحاسبته على المثال الجزيئي او الخلوي , فلم يبق لي الا مخرج واحد وهو الاراده. فبحسب ما تمتلك هذه الخليه من اراده يكون حسابها, وبظني ان الاراده هي الامانه التي عرضت على الجبال فخشيت منها وحملها الانسان, بمعنى ان يقبل بوجودها ويكون امينا عليها بادارتها بحكمه. والا فما يمنع الجبل من حفظ الامانه بالمفهوم العام وهو قادر على حفظ كنوز لسنين عديده ؟؟!

    في الختام .. الحياة مخلوق , ونحن جزء منه بلا شك قد نشترك مع مخلوقات اخرى لا نعلمها الا كما تعلم الخلايا العظميه عن الخلايا الحسيه في الجلد البشري. من هو هذا الكائن الكبير الذي نحن جزء منه وكيف هو شكله ؟؟!! لا اعلم , ولكنني اعلم ان حياة وموت من قبلي هو تطور لهذا الكائن ونمو حضارتنا شكل من اشكال وعيه ومن ثم موتي وحياتي جزء بسيط منه بل اتفه من ان اتوقف عندها. لكنني اتسائل احيانا اين موقعي منه ؟ هل انا في جهازه الهضمي!! ام العصبي!! ام خليه في لسانه او عقله او حتى جهاز اخراجه ..!! وهل الجماعه التي انتمي اليها تشكل جزئا مهما فيه ؟ او عضوا فعالا لديه ؟فاي جماعه ياترى تشكل عقله؟ وايها قدمه ؟ وايها يده ؟ وايها صوته ؟!! وايها فضلاته؟؟!!

    هذه مقاربه اجد اشاراتها احيانا في قوله صلى الله عليه وسلم " المسلم للمسلم كالبنيان " .. "ولو قامت الساعه وفي يد احدكم فسيله فليغرسها " ...." الدين المعامله" .وهذه الاخيره استدل بها على الجزاء والعقاب بحسب دورك في نمو الحياة , فهل كنت جيدا مع رفاقي "الخلايا المجاوره وقد تشمل الشجر والارض والحيوانات ....الخ " هل ساهمت في تطور الكائن ؟ ارجو ذلك .
    .
    .
    وجزاكم الله خيراً


  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    نرحب بتواجد ابنتنا البارة ترتيل بيننا في هذه الامسية ونسأل الله ان يكون لتلك التأملات نصيب في ذكرى طاهرة ترينا ما هو الموت وما هي الحياة

    في تأمل يشابه تأمل كاتب تلك التأملات ان :

    فلاحا مات كلبه فوضع الكلب في حفرة تحت شجرة تفاح وهو يعلم ان الكلب سوف يتحلل ويتحول الى غذاء لشجرة التفاح وبدا يرقب التفاح المثمر من تلك الشجرة وامتنع عن اكل تفاحة منها لانه يخشى ان يناله من صفات الكلب نصيبا الا انه شاهد اخرين يأكلون من تفاح تلك الشجرة وبدا يرقب صفاتهم عسى ان يرى صفة واحدة من صفات الكلب قد تظهر فيهم فلم يجد شيئا قد تغير في صفات من راقبهم فبقي الانسان انسانا رغم انه اكل من فسيخ الكلب وهو لا يعلم ...!!

    اذن الحياة هي مجموعة (مرابط) تترابط منقولة من مخلوق لمخلوق فالاوكسجين الذي يستشنقه فلان من الناس الان هو من اصل قد كان بالامس (ثاني اوكسيد الكربون) تنفسه نبات ما ومن ثم اعاده الى اوكسجين ليستنشقه فلان ... مثله كل شيء في الارض
    (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) (طـه:55)
    مرابط الحياة نراها ونلمسها ونمسك بحيثياتها فيما حملته التأملات المساقة في الادراج المنشور وهنلك كم معلوماتي هائل يؤكد تلك المرابط الحياتية وصولا الى الحمض النووي او اجزاء الذرة وميزوناتها

    اذا كان الخلق في الحياة هو (مجموعة مرابط)
    فيكون الموت (خلق) هو (مجموعة مرابط) ايضا
    الفرق بينهما هو عنصر الزمن فالزمن في الحياة هو زمن فيزيائي معروف السرعة وبايولوجيا معروفة الايض
    اما الزمن وشكله وسرعته في مرابط الموت فهو لا يزال في علوم القرءان ويستطيع الباحث (الجاد) ان يمسك به ويرفع الغطاء عن خفائه ولكنه يحتاج الى استقلال فكري مطلق (ابراهيمي)

    ولا تزر وازرة وزر اخرى

    ذلك قانون الهي مسطور في رسالة الله للبشرية
    اذن يبقى المخلوق مستقلا في الثواب والعقاب ولا خليط يختلط بين المخلوقات

    (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (المدثر:38)


    نأمل ان تكون سطورنا قد حازت رضا المتأملين في الحياة والموت

    السلام عليكم
    قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

    قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

    تعليق


    • #3
      .
      .
      حيّاك الله أستاذنا الفاضل وشيخنا الكريم
      وشكراً لسعة صدوركم أَمام زحمة تساؤلاتنا
      بالحقيقة قرأتُ فلسفة الموت لــ بديع الزمان النورسي
      وكانتْ سلسة تشفي غليل السؤال وهي لا تختلف فكراً ومعنى عن ردكم
      .
      .
      ________________________________________


      النورسي وفلسفة الموت:

      لقد أوضحت أنه على كثرة ما تناول المتناولون قضية الموت محاولين تصورها ضمن حدود العطاء القرآني ، فإن المتتبع لا يجد من كل تلك الآراء شفاء لغليل ولا حلاً لإشكال، وانما يجد الموضوع منبهماً مظلماً في كثير من جوانبه ، وبذلك تظل الحاجة الى تحليل جديد قائمة.



      لقد كان الإشكال قائماً ولا شك في أذهان بعض المشتغلين بمثل هذه القضايا الفكرية فوجه إلى النورسي سؤالاً في الموضوع فأجاب عنه بجوابه الذي أثبته في مجموعة المكتوبات من كليات رسائل النور(15) وصدر الإجابة بإيراد السؤال ونصه: إنه يفهم من آيات القرآن الحكيم مثل قوله تعالى: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ان الموت أيضاً مخلوق وأنه نعمة كالحياة ، مع أن الموت في الظاهر انحلال وعدم وتفسخ وانطفاء الحياة وهادم اللذات، فكيف يكون مخلوقاً ونعمة؟(16).



      وبهذا السؤال الذي لا أراه صادراً الا عن فكر مشغول بتعرف وجه الحق من هذا الإشكال، وهو سؤال محدد ينصب على فكرتين محددتين هما كون الموت نعمة وكونه أمراً وجودياً ، وهما فكرتان يصعب تمثلهما فضلا عن تقريبهما للغير والدفاع عنهما بقوة إقناعية،



      فأما عن كون الموت نعمة ، فإن ذلك يتجلى في نظر النورسي في مظاهر أربعة(17):



      اولها: الموت انقاذ للانسان من اعباء وظائف الحياة الدنيا ومن تكاليف المعيشة المثقلة. وهوباب وصال في الوقت نفسه مع تسعة وتسعين من الاحبة الاعزاء في عالم البرزخ، فهو اذن نعمة عظمى!



      ثانيها: انه خروج من قضبان سجن الدنيا المظلم الضيق المضطرب، ودخول في رعاية المحبوب الباقي وفي كنف رحمته الواسعة، وهو تنعم بحياة فسيحة خالدة مستنيرة لا يزعجها خوف، ولا يكدرها حزن ولا همّ.



      ثالثها: ان الشيخوخة وامثالها من الاسباب الداعية لجعل الحياة صعبة ومرهقة، تبيّن مدى كون الموت نعمة تفوق نعمة الحياة. فلو تصورت ان اجدادك مع ما هم عليه من احوال مؤلمة قابعون امامك حالياً مع والديك اللذين بلغا ارذل العمر، لفهمت مدى كون الحياة نقمة، والموت نعمة. بل يمكن ادراك مدى الرحمة في الموت ومدى الصعوبة في ادامة الحياة ايضاً بالتأمل في تلك الحشرات الجميلة العاشقة للازاهير اللطيفة، عند اشتداد وطأة البرد القارس في الشتاء عليها.



      رابعها: كما ان النوم راحة للانسان ورحمة، ولا سيما للمبتلين والمرضى والجرحى، كذلك الموت ــ الذي هو اخو النوم ــ رحمة ونعمة عظمى للمبتلين ببلايا يائسة قد تدفعهم الى الانتحار.



      أما الشق الثاني من السؤال وهو المتعلق ببيان كون الموت أمراً وجودياً فقد قال عنه النورسي ما نصه: »ان الموت في حقيقته تسريح وانهاء لوظيفة الحياة الدنيا، وهو تبديل مكان وتحويل وجود، وهو دعوة الى الحياة الباقية الخالدة ومقدمة لها؛ اذ كما ان مجئ الحياة الى الدنيا هو بخلق وبتقدير إلهي، كذلك ذهابها من الدنيا هو ايضاً بخلق وتقدير وحكمة وتدبيرإلهي؛ لأن موت ابسط الأحياء ــ وهو النبات ــ يُظهر لنا نظاماً دقيقاً وابداعاً للخلق ما هو اعظم من الحياة نفسها وانظم منها، فموت الأثمار والبذور والحبوب الذي يبدو ظاهراً تفسخاً وتحللاً هو في الحقيقة عبارة عن عجن لتفاعلات كيمياوية متسلسلة في غاية الانتظام، وامتزاج لمقادير العناصر في غاية الدقة والميزان، وتركيب وتشكّل للذرات بعضها ببعض في غاية الحكمة والبصيرة، بحيث ان هذا الموت الذي لا يرى، وفيه هذا النظام الحكيم والدقة الرائعة، هو الذي يظهر بشكل حياة نامية للسنبل وللنبات الباسق المثمر. وهذا يعني ان موت البذرة هو مبدأ حياة النبات الجديدة، أزهاراً وأثماراً.. بل هو بمثابة عين حياته الجديدة؛فهذا الموت اذن مخلوق منتظم كالحياة..



      وكذلك فان ما يحدث في معدة الانسان من موت لثمرات حية، أو غذاء حيواني، هو في حقيقته بداية ومنشأ لصعود ذلك الغذاء في اجزاء الحياة الانسانية الراقية. فذلك الموت اذن مخلوق اكثر انتظاماً من حياة تلك الاغذية.



      فلئن كان موت النبات ــ وهو في ادنى طبقات الحياة ــ مخلوقاً منتظماً بحكمة، فكيف بالموت الذي يصيب الانسان وهو في ارقى طبقات الحياة؟ فلا شك ان موته هذا سيثمر حياة دائمة في عالم البرزخ، تماماً كالبذرة الموضوعة تحت التراب والتي تصبح بموتها نباتاً رائعاً في الجمال والحكمة في (عالم الهواء).«.



      لقد استطاع النورسي من خلال هذا النص أن يغوص بفكره الوقاد وبألمعيته النادرة خلال بواطن الأشياء ليستخلص منها تصوّراً منطقياً تستطيع العقول ان تدركه وتجاوب معه، وقد اختار أن يشخص وجودية الموت انطلاقاً من مظاهر مادية لا يخطؤها النظر.



      فالموت في نظر النورسي بداية رحلة جديدة من الحياة تأتي بعد ان يسلم المرء الروح ليبدأ مرحلة حياتية أشرف وأسمى من تلك الحياة المرئية المألوفة.



      والموت بهذا هو قنطرة العبور وممر الخلوص إلى الحياة الأشف ومصير الانسان في هذا أشبه ما يكون بمصير حبة القمح أو النواة التي تودع الأرض وتغمر بالماء فيؤدي ذلك إلى تحولات كميائية غيرعشوائية تخضع لقانون صارم في التحول والتعمير وهي مع ذلك تتبدي للناظرين مجرد حبة عفنة متفسخة، لكنها سرعان ما تنبثق عن فصيلة تحمل سنابل عديدة في كل سنبلة منها عشرات الحبات.



      وهذا التجلي اليانع ليس في الحقيقة الا حياة جديدة للحبة الواحد الواهنة المتمزقة في أحشاء الأرض ، ولولا ذلك التفسخ والاضمحلال لماوجدت الحبة إلى هذه الحياة الأوفر طريقاً أو سبيلاً، وتفسخها الذي يرى اضمحلالاً وتحللاً إن هو في واقعة إلا إشراقة جديدة للحياة.



      وإذا كان هذا الانتقال يتم بهذه الكيفية وبهذا الانضباط التام لقوانين كميائية صارمة، فمعنى ذلك أن هناك حركة قوية منضبطة يراها الناس اضمحلالاً وهي عمليات معقدة محكومة بسنة الله في الخلق، وحين تصير حبة القمح مآت الحبات، فإنها قد تصير غذاء للانسان فتخالط منه الدم والخلايا وتدخل في تركيبه وبنائه وتصير جزءاً من خلايا التفكير ومن الأعصاب فيه فتنتقل إذن لتحيا مجدّداً في صورة أشرف بكثير من صورتها الأولى وما كان لها ان تكون كذلك لولا ذلك الاضمحلال الظاهري الذي يرى في أعين الناس فناء وعدماً وهو في واقعه وجود جديد وتجل أبرز من الأول.



      ان صورة استعادة الحبة للحياة ليست في واقعها إلا صورة مقربة لاستعادة الانسان حياته بعد أن يموت فينتقل إلى وجود ليس الوجود الأول شيئاً بالنسبة إليه ، ومفارقته الحياة الدنيا أمر ضروري ليسنبل حياة جديدة سالمة من كل منغصات الحياة الأولى.



      وبهذا التصور البديع الرائع استطاع النورسي أن يبلغ الغاية من تقرير كون الموت أمراً وجودياً ما دام هذا الموت عبارة عن تفاعلات منضبطة منسقة ينتج عنها استعادة الانسان لوجوده مرة أخرى، وهذه التفاعلات ليست ولا شك إلا أمراً وجودياً عبّر عنه القرآن الكريم بقوله الذي خلق الموت.



      إن تحليل النورسي ذو أهمية بالغة بالنسبة لدارسي العقيدة وللمفسرين على حد سواء، وأهميته تكمن في ملاحظ عدة: منها أنه استطاع أن يقرب بجلاء ودون تأويلات بعيدة وجودية الموت،وهذا أمر طالما عسر على كثير ممن تناولوا الموضوع.



      وتكمن أهمية التحليل أيضاً في أنه استطاع ان يعطي صورة غير مرعبة عن الموت لأن الموت بهذا ليس فناء ولا اضمحلالاً ولا انسحاباً ، وانما هو مجرد تحول ونقلة إلى الأكمل والأشرف.

      وتحليل النورسي ينظر الى قول أبي العلاد المعري:



      خلق الناس للفناء فضلت أمة يحسبونهم للنفاد

      وإنما ينقلون من دار اعمال إلى دار شقوة أو رشاد

      ولقد كان الخوف من الموت دائماً مرتبطاً بتصوره عدماً وفناء، فمن ثم كان الانسان أسير ذلك الخوف، يراه حرباً على الوجود الانساني وهدماً لكينونته فيكرهه ويتحاشى أسبابه حتى ولو كانت جهاداً من أجل الحق ودفاعاً عن العقيدة ومواجهة للباطل.



      إن فلسفة الموت عند النورسي إعلان عن بقاء الانسان واستمراره واتصال حياته الأخرى بالأولى، وهي رفض لفلسفة العدم والإلغاء والتشاؤم التي أشاعتها الفلسفات المادية التي حصرت حياة الانسان في البعد الأول من رحلته وأهميته أن الموت نهايته ودماره فتأزم لذلك.



      إن تحليل النورسي إلى جانب كل ما سبق مفيد كل الإفادة على أكثر من مستوى، فهو مفيد على المستوى العقدي لأنه ينصب على ظاهرة الموت التي هي عتبة اليوم الآخر، وهو جزء من الغيب الذي يؤمن به كل مؤمن .



      كما أن تحليل النورسي مفيد على المستوى النفسي، لكونه يكسب المرء اطمئناناً وانسجاماً مع الذات وثقة بالحياة في بعديها الأول والثاني، كما أنه يهوّن من شأن الموت فلا يجعله ذلك الشبح المرعب الذي يفني الانسان ويدمره ، ومثل هذا الإحساس لا يكسب الانسان إلا شجاعة خاصة لمواجهة المشاق واقتحام الصعاب مادام الموت هو أقصى ما يراد بالانسان ليس في حقيقته إلا رحلة نحو حياة تقر النفس وتطمئن بها، لأن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (العنكبوت /84).



      الهوامش
      (15) مجموعة المكتوبات من كليات رسائل النور للإمام بديع الزمان سعيد النورسي ترجمة :احسان الصالحي-دار سوزلر -استانبول . 1992


      (16) مجموعة المكتوبات من كليات رسائل النور - ص 8.

      (17) مجموعة المكتوبات من كليات رسائل النور ص 9 .
      _________________________________________
      أسأل الله أَن يديمكم لنا ذخراً وفخراً
      .
      .
      .

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X