دخول

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسرى الحوار والسلام

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسرى الحوار والسلام



    أبصرتُهم من ثُقب مسافة قصيرة يَلهثُون، يَلْفحُهم هَجِيران :

    هَجيرُ محرقة غزَّة، وهجير الخُسران.

    يرسفون في قيود صمَّاء تَجرُّهم، تسحب نواظرَهم كي لا يُبصروا أُفْقَ اليقظة.

    ووراءَهم حاخاماتٌ كنتُ أراهم على الخَشبات في مسارِح الحوار.

    أراهم الآنَ في دبَّابات بزيِّ الحصار، يفترشون زِيَّهم المدنيَّ القديم


    على مقاعدهم داخلَ الدبَّابات ،

    لا يُظهرون منه إلاَّ قَلَنسُوات، قد لَمَّعوها ببريق من شحمِ الخِنزير.

    وفي خلفية الصُّورة محرقةُ غزَّة الجارفة، تُهيمن على خيارات الإخراج ،

    ولمساتٌ تُفجِّر من بعيد ألغامَ المعاهدات ، وأنهارٌ من دماء ،


    ورَحًى تمور خلال أخاديد الجراح ، تلتهم بياناتِ القِمم التهامًا.

    وخليط أصوات يُدني الآسرون مكبِّراتِها من آذان الأسرى ،


    فيها أنينُ المهدومين والمنكوبين ،

    وصراخ الجرْحَى والثكالَى والمظلومين، ودَويُّ رعود يُسكت قلوبَ المنعَّمين .

    أوقفتُ العَرْض السَّريع ، وأعدتُه بنظر المتأنِّي لئلاَّ أُلدغَ من الجُحر الثاني ،

    أو أُغْبن في عبرة الحَدث، وآية هذا المشهد الجَلل الحاسم.

    فلمَّا آلمني وخْزُ الدَّنيَّة ، ولم يُسعفني تبرُّمي وتضوري ، صِرتُ أطلب شفاءَ صدري ،

    فخرقتُ الصُّورة كي لا يأسرني فاصلُ الإشهار والانتظار .

    مضيتُ نحوَ الأسرى أَعْدو لأقطعَ كلَّ المسافة، وأستغني عن كلِّ الثُّقوب ،

    أدخلتْني غزَّةُ إلى المشهد من بابها الجلي ، ومكَّنتْني من مكان حقيق بما قصدتُ ،

    فهمست في آذان الأسرى: ما بكم؟

    قالوا: نحن أسرى الحِوار والسلام ، سلام ألْفيناه هشيمًا تذروه الرِّياح ،

    حسبناه حريًّا بجَلْب النَّصر دون غِلاب ، غرْسناه وسقيناه من سَراب .

    وهؤلاءِ الذين يسوقوننا هم الحاخامات الذين حاورناهم ،

    صافحناهم يومَها وبذلنا لهم سماحةَ الإسلام ونحنُ ضِعاف،


    لا نظامَ لنا، ولا قوَّة، ولا سلاح،

    فما كِدْنا نفترق حتى (عضُّوا) علينا (الأنامل من الغيظ) ،

    وما كِدْنا نصل إلى ديارنا حتى ركبوا مطيةَ الغادر، فضربوا دونَنا ودون أهلنا الحِصار،

    وأوْصَدُوا بيننا وبينهم المعابر ،

    وإذا بهاتفٍ لا يردُّه رعدُ الحرْب عن أسماعنا : {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ} [آل عمران: 119].

    فلَيتَنا أقمْنا بين أهلنا نُقاتل أو ندفع، إذًا لَعلَوْنا تلَّ غزَّة،


    وقلنا لهم: {مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عمران: 119].

    قلت : هذه جولةٌ فات أوانُ استدراكها ،


    وحصون أرى غزَّة وحْدَها تنافح دونَ استردادها ،

    لو اكتفتْ بغصنِ الزَّيتون، ونِضال الفُنون، لابتلعَها همجُ الوحوش .

    قالوا : أجَلْ، وإنَّما أسكتنا سوطُ الخجل ،


    كان لنا من جُنح الهُدنة مخايلُ نُزخْرِف بها شعارَ هذا الحِوار ،

    فلمَّا قُصِفتْ غزَّة أيقنَّا أنَّ ما بيننا وبين القوم حربٌ أصيلة ذات غمار

    تَحرِق الآن في أيدينا قراطيسَ كانوا أبدَوْها لنا خداعًا واحتيالاً.

    قلت : صدق الله القائل: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91] ،

    ثم التفتُّ إلى الوراء، فإذا بالمسافة بين الأسرى وبين آسريهم تتباعد .

    ثم تطلعتُ ، فإذا بدبَّابات اليهود تُجلِّيها من بسط الله سوانحُ الانسحاب .

    أعدتُ خلفية الصورة إلى واجهتها؛ ليبقى شاهدُ غزَّة مهيمنًا على التوقُّعات،


    فلا يُبعد عبيرُ الصُّعَداء رهجَ

    السنابك، ولا تُهدر دماءَ غزَّة الزكيَّة الغالية صنيعةُ سلام جديد.

    أشعرتُ الأسرى بالانسحاب؛ ليكسروا قيودَ الأيدي والنواصي.

    ثم قلتُ: هلمُّوا، دونكم حريق غزَّة، اشْحذوا به سيوفَ اللِّسان، وافتنوا أسنَّة البيان.





  • #2
    استاذي الجليل الفاضل واخي الاديب الجليل

    ما اسعدني اذ اعانق حرفكم وفكركم

    فأتيه ُ زهوا بفصاحتكم وبلاغتكم !

    فكيف وقد وظفت البلاغة والفصاحة في الغيرة على هذه الامة التي نكبها ابناؤها؟؟؟!!!

    كل الاحترام والتجلة لهذه القامة الادبية السامقة والله يرعاكم

    ودي وشوقي ...

    تعليق


    • #3

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      حياك الله اخي الفاضل عبد الرزاق مرزوك فقد ارتوينا من الادب جميله ومن الحكمة رحيقها فأحسنتم لفظا وابدعتم فكرا كان قد سرى مسرى الاسر لنفوسنا فسطوركم أسرت مداخل عقولنا ..!!
      اخي الكريم اسرى الغزيون هم طليعة اسرى المسلمين جميعا فالمسلمين جميعا اسرى يتحكم بهم كهنوت ماسوني حاخامي ضليع باسر الشعوب
      سلمت لروعة الادب
      سلام عليكم
      قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

      قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

      تعليق


      • #4
        السلام عليكم ورحمة الله وبركته

        تحية شكر وانحناءة تقدير للعالم والمفكر الجليل الدكتور ( عبد الرزاق مرزوك )
        كلماتكم تشع حقا وحكمة ، فجزاكم الله عنا وعن امة الاسلام كل خير

        أخي الدكتور مرزوق ، المأساة تعدت مأساة حوار وأسرى حوار !! فالمجتمع الاسلامي بمجمله أضحى أسير نظم ( حضارية ) بالغة الخطورة والخطر!! وما يخطط له وما يروج من سعي (الهياكل الحضارية الكبرى) للسيطرة على العالم واقتراب الحدث الاكبر حديث وترويج غير كاذب !!

        الناس ,, أئمة الاسلام لا تريد ان تسمع وتعي ؟! يأخذون بظاهر الحديث وظاهر التفسير ضاربين بذلك بعرض الحائط ان بالقرءان وعلوم القرءان ما قد نستطيع به ( علميا ) مواجهة ذلك الخطر القادم . تعلم أخي الدكتور ان التقنيات ( اوتاد هذه الحضارة ) قد تطورت حتى أصبح بمقدور أصحابها خداع الناس والسيطرة على عقولهم بشتى الطرق والوسائل ، ولعل ( سعيهم ) لزرع كوارث مصطنعة هنا وهناك هي من السلالم الاولى ومن النماذج الصغيرة المصغرة التي قد يجد فيها الباحث خيوط دقيقة لمعرفة حجم ما يُكاد للمجتمعات في خفاء ..والهدف السيطرة على الجميع لفرض راية ( الدجل ) على الآرض ؟

        أين قوة المسلمين ( العلمية ) من كل هذا ..أئمة الاسلام هم المستهدفين في المقام الآول لخداعهم بتلك الطرق ( التقنية ) المستحدثة .
        نامل ان تصل كلماتنا الى الجميع ..وتحقق هدف التوعية منها

        نجدد كل الشكر والتقدير لحضوركم القيم ، أمدكم الله بمزيد من العلم وخير العطاء
        سلام عليكم
        .................................................
        سقوط ألآلـِهـَه
        من أجل بيان الشاهد والمشهود في شهادة ان لا إله الا الله

        سقوط ألآلـِهـَه

        تعليق


        • #5
          رد: أسرى الحوار والسلام

          تحية واحترام

          لاتاسى على الغزيين فغزة لن تموت ... ولا ضجيج على سرايا الحوار ... فقد ضجت انفاق العبور الغادرة ... فصار الغدر في اخوية الديار ... وبات النحل كالصرصار ... وربيعنا قيظا حرور ... فما تنفع همهمات الصدور ... وكظم الغيظ لن يكون في بعثرة القبور ... انما تندى جباه الغادرين ... على مذبح الفضيلة ... فتعلو هامات الاقزام ... وتنحني الطوال الفارعات ... فالاوطان حبيسة الدمار ... ولا بشر نفيس ... فالكل موتى في العراء ... اكفانها ثلمة تاريج ... ووجدان امة يستصرخ قطرة ماء ... اغزتنا غزتها النائبات ؟؟ ام درعا الطعان ؟؟ ايا تنادي سيدي المرزوك ... درعا البلد ؟؟ ام غزة بلا معابر ولا حدود ؟؟ ام غوطة دمشقية ؟؟؟ اي ثكلى ثكلتها الامم !! رسائل شؤم في ربيع العرب ... سرطان امه ... تحتضر ؟؟؟ ام تنفجر ؟؟؟ من يدري ؟؟ وان درى ... نفط يغذي النائبات ... ومسرح الخزي سرى في سرايا يعربية ... تحالف ضد العراق ... حرب على النيام في اسرتهم ... تجري الرياح بما تشتهي السفن ... واهل السفينة حالمون بالوصول الى شاطيء الامان ... ولا امان في الاوطان ... الا امان الرحمان ... امن بلا اوطان ... اهي لعنة الله على الاوطان ؟؟؟ بالامس بيروت ... عروس مشرقنا ... فجالت حدود الحقد على الجولان .. وحدود شرقية على ايران ... وكويت غدر بها الجيران ... وبغداد هولاكية العنوان ... وجاء ربيع العنفوان ... فصارت الاوطان وبالا على اهل الاوطان ... فلا وطن امان ... ولا امان ... الا في حياض الرحمان ... ان عرف الوطنيون من هو الرحمان ... سقط الوطن وقام الامان

          احترامي
          sigpic

          من لا أمان منه ـ لا إيمان له

          تعليق


          • #6
            رد: أسرى الحوار والسلام

            بسم الله

            أساتذتني الاجلاء ، الله عليكم ، هكذا يكون القول الحر الذي يعانق هامات الرجال ،والا فلا .

            فلا وطن امان ... ولا امان ... الا في حياض الرحمان ... ان عرف الوطنيون من هو الرحمان ... سقط الوطن وقام الامان

            وقفة تقدير واجلال لكم ،

            تعليق

            الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
            يعمل...
            X