دخول

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العقل والنطق بين الفطرة والتعلم

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العقل والنطق بين الفطرة والتعلم

    العقل والنطق بين الفطرة
    والتعلم


    من اجل حضارة اسلامية معاصرة


    عندما يرسخ القرءان كدستور علمي بين يدي الباحث عن الحقيقة يتحول الخطاب القرءاني بمجمله الى خارطة خلق خطها الخالق حيث يرتبط الخطاب القرءاني بوسيلة الباحث وهو يرصد سنن التكوين ومنها النطق الذي فطر عليه الانسان وبسبب تلك المركزية الفائقة الفعالية وصلنا القرءان لفظا محفوظا بمتنه اولا وبالفطرة الناطقة التي اكد القرءان عدم تغيرها او تبدلها رغم السنين الطويلة وانه موصوف بصفة اللسان العربي المبين في خطابه الشريف لحملته على مر الدهور .

    (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم:30)

    ذلك امر الهي يظهر جليا في (فاقم وجهك للدين حنيفا) ووضح الخطاب الشريف الوسيلة حصريا في (فطرت الله) فهي وعاء الهي مودع في البشر بنص مؤكد (التي فطر الناس عليها) فقد فطر الناس عليها والقرءان يؤكد اشارة علمية خطيرة تخص تكوينة الفطرة ان (لا تبديل لخلق الله) فالفطرة التي كان يحملها الاعرابي في زمن الرسالة هي في اعرابي يعيش يومنا هذا وستبقى في دهور لاحقة لان الله لم يبدلها ولن يبدلها بنص دستوري قرءاني لا يحتاج الى مختبر ولا يحتاج الى رجعة للتاريخ فيكون الترابط الحتمي بين (النطق) كوسيلة قرءانية لا نملك غيرها ولا يوجد غيرها (الفاظ القرءان) لان في بداهة العقل يكون العقل مضطرا للتعامل مع الفطرة الانسانية في النطق ليقوم الرابط العقلاني بين العقل والقرءان من خلال تلك الضابطة فالقرءان لا يحوي رسوما ولا جداول حسابية ولا يحوي الوان او معادلات بل القرءان بمجمله هو مجموعة الفاظ .. واللفظ هو في تكوينته (نطق) والنطق هو فطرة انسانية فطر الناس عليها وبها يمكن ان تكون اقامة الوجه للدين حنيفا ...

    لا يوجد رابط لفهم القرءان في غير النطق بين العقل والقرءان وتلك في بداهة عقل لا يمكن التنازل عنها مهما كانت الضغوط الفكرية المطروحة في ساحة الفكر الانساني فان العلاقة التكوينية بين النطق والقرءان تستحضر في عقل الباحث من خلال بداهة العقل فالقرءان للذين يعقلون ... وهو مجموعة الفاظ لاغير . وقد حاول كثير من المفكرين البحث عن رابط رقمي يربط العقل الانساني بالقرءان الا ان علماء الارقام (الجفر) عجزوا عن ترجمة الارقام لان الرقم لا يقيم البيان فهو الكحرف مدرك عقلي غير مكتمل البيان الا عندما يرتبط ببيان قائم اخر .. فالرقم 7 مثلا لا يقيم بيان عقلي رغم انه يدرك في العقل مثله مثل الحرف ميم فهو يدرك في العقل الا انه لا يقيم البيان الا اذا ارتبط بحرف اخر فيكون (أم) مثلا او يرتبط ببيان قائم كأن يكون (فعل .. مفعل) فيقوم البيان ...

    كثير من الناس يتصورون ان اللغة والالفاظ هي مكتسبات تعليمية فالطفل يتعلم الكلام من بيئته وعلى هذه الضابطة الملموسة لمسا ميدانيا يقوم بين الناس فكر المكتسب اللفظي دون ان يكون للفطرة حضور في مفاهيم الناس كذلك لا تمتلك الفطرة الانسانية حضورا معرفيا وساعا بل يوجد خلط بين الغرائز والفطرة وكثيرا ما تكون سلوكية الحيوان الغريزية مادة معرفية في مدارس النفس ليكون العلم النفسي التجربي وتتم عملية خلط غير موفقة بين الغريزية التي كثيرا ما تتشابه بين الانسان والحيوان ولا يوجد فاصل معرفي يفصل بين الغريزة الحيوانية والفطرة الانسانية حيث تعتمد اثاراتنا على تثوير النطق كفاصلة فطرية تعبر سقف الغريزة رغم كثير من النظم الفكرية تعترف بتلك الفارقة من حيث النتيجة مع غموض التفاصيل فقيل في الفكر ان (الانسان حيوان ناطق) مما ادى الى ضياع الفطرة في النطق على حواشي مفهوم الغريزة ..

    من يجازف ان يعزل مجموعة من حديثي الولادة في مختبر صامت لبضع سنين ليرى كيف يتكلمون دون ان يكون للبيئة اثر تعليمي في الالفاظ التي سيطلقونها بينهم عندما ينطقون ... ! وهم لم يسمعوا احدا لانهم في معهد صامت تماما ...!! كذلك وجد العلماء ان من لا يسمع لا يتكلم وبالتالي فان السمع الذي يعتبر وسيلة اكتساب اللفظ بالتعلم مفقود فيكون الاصم ابكما من خلال تلك التلازمية الحتمية بين الاخرس كنتيجة للاطرش ..!! وتلك الصفة كانت مؤكدة للناس وهو ان اللفظ مكتسبا تعليميا وتم شطب الفطرة من حسابات الناس .

    الوليد في عائلة عربية يتكلم عربي والوليد في عائلة كردية يتكلم كردي ومثله التركي والانكليزي وهكذا في كل شعوب العالم ... فاين الفطرة في النطق التي تتطابق مع القرءان وكيف نعالج الاختناق الفكري بين الصم الذي ينتج البكم ...

    لو عدنا الى حقيقة النطق وقمنا بتهشيمه كما هشم علماء المادة المادة الى اجزاء فاجزاء حتى وصلوا الى الجزء الذي لا يتهشم فقالوا انها الذرة ... ففي نفس الوسيلة المعلوماتية لو هشمنا الكلام الى الفاظ (كلمات) ومن ثم هشمنا الكلمة الى حروف فيكون الحرف هو تلك الوحدة اللفظية التي لا تتهشم ... الحرف هو القاسم المشترك في لغات العالم كلها وهو وسيلة النطق الاولى في فطرة الانسان وهي النطق الذي فطر عليه الانسان وبما يختلف عن زغاريد العصافير والبلابل وعن رغاء الجمل ونقنقة الضفادع وصرير الحشرات ... فهو الحرف في النطق الذي لا يخضع للتعلم فهو فطرة بشرية لا تبديل لها فقد فطر الله الناس عليها ...

    العربي انما يتعلم من بيئته ربط الحروف ببعضها لتقوم الكلمة فيكون ربط الحروف عربيا اما الكردي او التركي انما يتعلم ربط الحروف من خلال قومه فتقوم لغته القومية اما اللسان العربي المبين فهو يتصف بصفة الرابط التكويني للحروف فقام البناء اللفظي العربي مرتبطا بسنة تكوينية حيث يكون الحرف في الفطرة وربط الحرف بالحرف خاضعا للتعلم المكتسب بيئيا وفي تلك الراصدة الفكرية نرى ان الأصم لا يتعلم ربط الحروف من قومه فيكون عاجزا عن النطق .. وكثيرا ما يفهم الاخرس محدثيه من خلال حركة الشفتين واللسان لانه خارج عالم الصوتيات فيرى الحروف على الشفاه فيفهمها لانها موجودة في فطرته ... رغم محدودية ذلك القاموس عند الاخرس الا انه يمتلك مساحة ما ...

    وفي مثلنا الافتراضي في وضع مجموعة من الاطفال في مختبر صامت فانهم سيسمعون بعضهم لانهم ضمن عالم الصوتيات ويربطون الحروف فيما بينهم فتقوم الرابطة العربية للحروف في لسان عربي فطري سمعنا عنه في تاريخ العرب عندما كان يرسل الاغنياء من العرب اولادهم الى الصحراء ليتعلموا الفصاحة العربية بفطرة صحراوية التي تتصف بقلة المتراكمات الكلامية فالصحراء هي الاقرب الى فرضية المختبر الصامت ... فالكلام في الصحراء اقل بكثير من مجتمع المدن .

    في علومنا المكتسبة وفي مساحات الفكر الاسلامي والانساني عموما لا يوجد للحرف بيان الا اذا اقترن بناصية عقلانية كما نقوم باستخدام الحرف كوسيلة للتعداد فنقول عند تجزأة الكلام الى نقاط متتالية ( أ , ب . جـ . د ) وذلك يعني اتفاق الناس على تسلسلية حرفية فالمقصود موقع الحرف في جدول الحروف ولن يكون الحرف ذا بيان بل موقعه العددي هو البيان وهو متفق عليه فهنلك ترقيم اخر يتفق عليه كثير من الناس (أ , ب . ت . ث) وهو يختلف عن التعداد الحرفي الاول ...

    اما ضياع بعض الحروف في لغة وظهورها في لغة اخرى فهو لن يكون بسبب اختلال الفطرة بل هو بسبب اختلاف الاستخدام الحرفي للالفظ فقد اشتهر العرب بحرف الضاد منفردين عن بقية الامم بنطق الضاد ولكن كثيرا من العرب ينطقونها (زاد) وليس (ضاد) خصوصا في عرب افريقيا وجزء من بلاد الشام ... حرف v او حرفpلاوجود له في العربية الا ان العربي ينطقها كما في CH او G

    اذا اقر الباحث بداهة ان اساس النطق هو الحرف وان الكلمة تتشكل من الحروف ولن تكون الالفاظ الا مجموعة من الحروف المترابطة فان عملية الغوص عمقا في الفطرة الانسانية التي لا تبديل لها ستكون مركزا علميا غاية في البريق لمعرفة القاسم المشترك بين لغات الارض كلها مهما تنوع اللفظ فان مقود البيان سيبقى الحرف ومنه تقوم قاعدة الاستخدام اللفظي للاشياء والمسميات والقواعد ...

    من ذلك يتضح ان الانسان لا ينطق كيفما يشاء بل يرتبط نطقه بالحرف باعتباره لبنة اللفظ ...

    لا يستطيع أي باحث مهما بلغ به العنفوان الفكري ان يضع فارق بين الميم التي ينطقها العربي والميم التي ينطقها أي انسان اخر في أي لغة ... لا احد يعرف معنى الحرف ... فالحرف موجود سرمدي في العقل والكلمة تعليم مكتسب فضاعت الفطرة التي فطر الله الناس عليها في اللفظ واختفى دور الحرف ليكون وسيلة اللفظ فقط اما مرابطه التكوينية فهي غير معروفة ... ولو ان مجموعة من الاسطر المكتوبة فرقت كحروف منفصلة ومن ثم يراد اعادة ربطها فان قاعدة الربط لن تقوم ولن يستطيع القائم بالتجربة ان يعيد مرابط الحروف كما ربطها المتكلم وبالتالي فان ربط الحروف ببعضها ليقوم النطق كنتاج يرتبط بعقل الانسان ذو الاستقلالية في الخلق والتي رسخها القرءان بخطابه الشريف بصفة الفرد دون الجمع (فأقم وجهك للدين حنيفا) ولم تكن في جامعية المخاطبين (فأقيموا وجوهكم للدين حنيفا) وتلك من اجازة الباحث في البحث القرءان ان يربط عقله بالنص القرءاني (لعلهم يعقلون) ..

    وعندما يكون القرءان دستور علم الباحث في فهم منظومة الخلق فيكون للحروف المقطعة في القرءان حضور فكري معرفي الزامي مع هذه الاثارة وعندما يقرأ الباحث (ن والقم وما يسطرون) فهي لن تمر على عقلانية الباحث تحت نظرية الاستقالة الفكرية والاتكاء على افكار السابقين في فهم (ن) وربطها بالقلم وما يسطرون ... بل لا بد ان يكون اللفظ مهشما الى وحدة لا تتهشم في العقل وكما عرف علماء المادة مواصفات الذرة التي افترض انها المادة التي لا تتهشم فالباحث القرءاني سيرى ان الحرف كالذرة في النطق فهي اخر هشيم في النطق لا يتهشم وهو فطرة الانسان التي فطر عليها الناس وعندما يكون اللسان عربيا فان البناء العربي سوف يسهم في تحفيز الفطرة كما نراه واهنا في مجتمعنا العربي الذي تتولد فيه الفاظ ما كان لها وجود في كلام السابقين كالفاظ التطور .. من طور .. ولفظ الذبحة الصدرية من منسك الذبح وكلفظ كهرباء من كهرب وكثيرة هي الالفاظ المولودة من فطرة البناء اللفظي العربي المبني على ترابطية الحرف العربي لانشاء اللفظ الدال على المقاصد كما في لفظ طفيلي مثلا الذي يتحد بالقصد مع الطفل في الاتكاء على غيره في العيش ولم يكن علماء الحياة مؤهلين في الاختصاص العربي لاطلاق صفة الطفيلي على المخلوقات الطفيلية الا ان فطرتهم العربية استحضرت اللفظ من فطرت اللسان العربي المبين .

    لا نرغب في استباق البيان ولكننا وجدنا (مثلا) ان حرف الكاف يعتبر قاسما مشتركا في كل اللغات التي اطلعنا عليها مرتبطا بمقاصد (الكبير) فكل قصد كبير في لغات متعددة (على قدر ما اطلعنا عليه) كان حرف الكاف يظهر ووجدنا امثال كثيرة في غير ذلك الحرف مثل حرف الميم في اسم الامومة ولفظ الماء مما يرتبط بالفطرة التكوينية في النطق ... التي فطرها الله في الناس .

    ذلك الترشيد الفكري يقرب الباحث من نقطة شرعية معروفة في الزامية الاعجمي ليقرأ القرءان بمرابطه العربية في اللفظ وهذه الصفة الشرعية كحكم شرعي كانت تمثل اختناقا فكريا في اثارة تساؤلية (ما الفائدة التي يجنيها المسلم الاعجمي وهو يقرأ ما لا يفهم) الا ان العمق غورا في الفطرة التي فطرها الله واكتشاف مضامينها ترفع تلك الاختناقات وتضيف موارد معرفية مولودة من العلم القرءاني وهذه الاثارة تعتبر المدخل التذكيري لولوج تلك الراشدة الفكرية الكبرى لان القرءان وعاء الذكرى

    (ص وَالْقُرءانِ ذِي الذِّكْرِ) (صّ:1)


    التفكر في خلق الله ساعة خير من عبادة شهر وسلام على الذاكرين


    الحاج عبود الخالدي
    قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

    قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X