دخول

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ذاكرة عراقية (2)

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ذاكرة عراقية (2)

    ذاكرة عراقية (2)


    من اجل حضارة اسلامية معاصرة




    كانت الثورة العارفية الاولى عام 1963 تمتلك خطابا سياسيا بعثيا كما هي رديفتها الثورة القاسمية قبلها التي امتلكت خطابا سياسيا شيوعيا وحصل نفس البرنامج عندما اطاح عبد السلام عارف بالبعثيين كما اطاح الحكم القاسمي بالشيوعيين في تكرار منهجي غريب عجيب يذهل الباحث المستقل فكريا عن السياسة واهلها لانه يرى مكعبات ملونة مختلفة الالوان متحدة الابعاد تتكرر على المشهد العراقي بشكل يلفت النظر ... يقيم العقل ولا يقعده ...

    بالامس القاسمي مليشيات ( المقاومة الشعبية ) تملأ الشوارع وتسحق الود العراقي بين صفوف الناس بمختلف اطيافهم وفي يوم من سنة 1963 مليشيات (الحرس القومي) تسحق الود بين الناس وتنزع منهم وشائج الوصال باتجاه معاكس للامس القريب مما عرض المجتمع العراقي الى هزة اجتماعية كأنها رجة كهربائية في جسد سليم وتحمل ذاكرتي فرقة اخوة في بيت واحد فمنهم من هو بعثي ومنهم من هو شيوعي ومثلها كل البؤر الاجتماعية في المصنع والمقهى والسوق التجاري فاصبح الوفاق الاجتماعي للنسيج العراقي كثير الفتوق ولا يصلح للترقيع تحت مظلة وطنية او عرقية او عقائدية بسبب اعتداءات متبادلة ودماء استبيحت وسجون مزقت وداعة النفوس واضافة لتلك الفتوق خرقت الهدنة الكردية الشفافة والتي صنعها عبد الكريم قاسم ونحن لا نزال في العهد القاسمي ولم نصبح بعد في الحكم العارفي وازدادت وسعة الخلاف الكردي الرسمي تحت شعارات رنانة واهازيج وطنية عملاقة ..

    سرعان ما ملئت السجون والمعتقلات بالشيوعيين الذين حاربوا البعثيين بشراسة في شوارع بغداد وبعض المدن ولكن وحدتهم في السجون لم تطول زمنا بعيدا فقد اردفوهم بالقوميين الناصريين في ذل وهوان لغرض صناعة المنهجية الشرسة فيهم استعدادا لمرحلة قريبة آتية وهو تكرار لعملية سجن الشيوعيين في العهد القاسمي فاصبحت السجون تعج بالشباب وسط اختناق جماهيري حاد وصراعات اجتماعية واحدة تهاجم والاخرى تشتم حتى ان الذاكرة حملت كثيرا من المشاجرات بين ذوي هولاء وذوي هؤلاء وتم تصنيف المجتمع العراقي الى ثلاث اصناف تتسابق الى السلطة .. شيوعية وبعثية وقومية ناصرية ...

    لم يمر على الانقلاب العارفي حمل بهجتها وقبل ان يتجاوز عمر الانقلاب تسعة اشهر حتى اطاح العارفيون بالخطاب السياسي البعثي في ارتداد منهجي داخلي كان الاكثر خطرا في تمزيق النسيج العراقي كما نرى احداث بعد 2003 وزحمتها المتقلبة وامتلأت السجون باكثر من صنف من المعتقلين وهو نسخ وتكرار لانقلاب القاسميين على الخطاب السياسي الشيوعي عند ربيع ثورة تموز .

    تدهور الاقتصاد الوطني بشكل خطير وكانت عائلتي بالكامل تعاني من اختناق اقتصادي دمر كيانها الذي كان يعتمد بالدرجة الاولى على التصدير التجاري الى الحجاز الذي توقف يوم اول صيحة قاسمية في 1958 حيث اغلق حكام الحجاز الحدود مع الجمهورية الفتية وملئت الحدود حرسا شديدا قطع حتى محاولات التهريب الخارج من العراق ولكن التهريب الداخل الى العراق من الحجاز كان يسري بشكل كبير ومضاعف مما يمنح الباحث عن الحقيقة مؤشر لمرحلية آتية تقوم بتدمير الاقتصاد العراقي المنتعش من خلال تحويل سيولة العراقيين ومدخراتهم الى سلع استهلاكية تنخر الاقتصاد وتوهنه كما يجري بعد 2003 وليومنا الحالي ..!! الا ان اعادة تفعيل الاقتصاد العراقي باموال التغطية الاسترلينية للدينار العراقي في الحكم القاسمي انعش الاقتصاد العراقي ورفع الدخل الفردي بشكل ملفت للنظر منح الجماهير املا كبيرا في الرقي والبناء والتقدم ولكن سرعان ما تهاوى ذلك المد الاقتصادي عند اعلان الحكم العارفي عن تأميم الشركات الوطنية المملوكة للاشخاص والاستثمارات الاجنبية المسجلة قانونا في العراق فانكفأ الاقتصاد بشكل مفاجيء وخطير ادى الى ظهور بطالة جماعية حادة وقاسية وسريعة خصوصا في الجماهير القروية التي استدرجت من ديارها الى حاضرة المدينة الجافة في عطائها ولا تزال ذاكرتي تحمل الزخم الكبير والكبير جدا في طلب العمل في مصنع والدي بشكل كان يؤثر على مزاجه الشخصي من كثرة الوساطات والتوسلات حوله ... بدأت الاخلاق تنهار ... كان الناس في الحكم الملكي وشيئا من الحكم القاسمي يتركون محلاتهم التجارية مفتوحة اثناء استراحة الظهيرة ويذهبون الى بيوتهم وهم قريري العين ان سلعياتهم سوف لن تمتد اليها يد السراق او العابثين رغم كثافة القرويين في المدينة وهم الاكثر خصوصية بانبهارهم بتلك السلعيات البراقة المذهلة بالنسبة لهم والحديثة في ربيع نهضة التقنيات والمستوردة من مراكز الصناعة العالمية الغربية واليابان ... ذاكرتي تعتصر ادق التفاصيل عندما كانت الرياح تبعثر الستارة التي يتركها صاحب المحل التجاري لتغطي سلعياته لا للحفاظ عليها بل للدلالة على ان البيع متوقف بسبب استراحة الظهيرة وسط حشود قروية متنوعة الاطياف ..!! حيث كانت اعز السلع بلا حراسة او اقفال دون ان تمتد اليها يد المحتاجين لرغيف عيش واحد والذاكرة نفسها ترسم حال العراقيين اليوم ..!! اولئك كانوا الاباء والاجداد ... ولكن المخطط الاسود انتزع من الشرفاء اخلاقهم تحت ضغوط لم يكن ردها وتحجيمها ممكنا خصوصا وان خطة المصمم استهدفت امتصاص الحكماء ورجال الدين والمثقفين في مركب وكأنه يدار بايد عراقية ولكنه في حقيقته يمتلك مقود يتحكم به المصمم عن بعد مما افقد ذلك الجيل الحكمة التي كان يتوجب عليه بموجبها ان يرصد الفاعل الحقيقي ليجتث وجوده التنفيذي من خلال خطته السوداء فاصبح الناس بلا حكماء لان الحكماء تمت برمجتهم وفق نظم جلب فكري او ميداني ولا ننسى ان كل شريحة من كل مجتمع فيها من يبيع الضمير بدراهم بخسة فكانوا هم الرواد الذين يتقدمون رعيل الحكماء الذي يغادر موقعه الوجداني تجاه ابناء جلدته ... رغم ان حكماء الامس كانوا اكثر رصانة واكثر شأوا وتأثيرا في الجماهير الا ان تكرار نفس المنهجية مع حكماء اليوم يمنح الباحث رؤيا اكثر صفاءا ونقاءا ليدرك حجم المؤامرة ودقة مفاصلها وقوة حبكها ... فما اشبه اليوم بالبارحة بل اليوم اكثر قساوة من البارحة لان جيل الحكماء اليوم هم اولئك الجيل في العهد القاسمي والعارفي الذي شرب الدم وفقد كثيرا من الود الاجتماعي فاصبح حكيم اليوم يبيع حكمته تحت ناصية فكرية دفينة في عقله تقول (يا انا) لذلك كانت همة الحكماء الواضحة هو حقن ارقام مالية تتسارع الى الحيازة بعد ارث الكرسي الصدامي ..!!

    التأميم العارفي لشركات القطاع الخاص كان غدرا اقتصاديا رخيصا جدا تسبب في موت الصناعة في العراق وعلينا ان لا ننسى ان عراقة الصناعة والتجارة العراقية تمتد جذورها الى العهد العباسي والعقل الصناعي كان يتميز باصالته وتقدم المستثمرون العراقيون في العهد الملكي فسجلوا حضورا اقليميا وعربيا رائدا في صناعات الاسمنت والنسيج والصناعات الغذائية والمعدنية وكان الميناء العراقي الوحيد في البصرة واحد من اقدم ثلاث موانيء في العالم وكان زهرة الخليج ..!!! القانون رقم 80 القاسمي الخاص بالنفط وقانون الاصلاح الزراعي دفع الكثير من ذوي رؤوس الاموال الى الهجرة وجاء تأميم الشركات الخاصة العارفي باخراج اخر ما تبقى من رؤوس الاموال فاصبح الاقتصاد العراقي في هاوية سحيقة ...

    الوصف السابق لم يكن لاغراض تقرير اقتصادي بل لربط الخطة الجهنمية الباغية بمفاصلها المركزية حيث كان ولا يزال الاقتصاد الجماهيري مفصلا مركزيا في خطة المصمم فقد جاع العراقيون ... عطش العراقيون ... افقر العراقيون رغم غناهم ... ساحت الاخلاق سيحا تحت الاقدام فسحقت ... من كان بالامس امينا اصبح غير امين .. من كان بالامس يعتز باصالته اصبح يبحث عن الدينار تحت أي اصالة مفتعلة حتى ولو كانت بذيئة فكثر المتسولون والسراق واصبح المجتمع لا يأمن على شرور بعضه لبعض فاصبحت المحلات التجارية التي كانت تترك مفتوحة في استراحة الظهيرة تغلق باقفال محكمة ومع كل الاحتياطات كسرت اقفال محل تجاري يعود لوالدي وضح النهار وتم التجاوز على بعض محتوياته ..!!

    العجيب الغريب في تلك الفترات القاسمية والعارفية وما بعدها ان السجون كانت تملأ بالمجرمين ولكن سرعان ما يصدر عفو رئاسي باطلاق سراحهم وكأن السجون هي عبارة عن كليات مثل كلية الطب التي يدخل اليها التلميذ ليخرج منها طبيبا فالسجون مثلها يدخل اليها ذو المخالفة او الجنحة المرتمي بشظف العيش ويخرج منها مجرما محنكا قد صنع منه السجن رجلا ضديد الود والوداعة ...

    الحكم العارفي لم يستخدم المليشيات في منظومته ولكنه وسع دائرة الشرطة السرية التي لعبت دورا اخطر من المليشيات في تمزيق النسيج الاجتماعي فاصبح الجار لا يأمن ان يكون جاره في الشرطة السرية فيرفع فيه تقريرا يمزق كيانه وازداد تمزق اللحمة الاجتماعية بفاعلية وكأن المجتمع العراقي نادي للاعداء فتقوقعت مجاميع من الناس محافظة على ودها الى مجاميع اخرى استعرت حركة في الميدان تعتدي على الودودين رويدا رويدا فكان الخارجين على الود في تزايد مستمر .

    استعرت الحرب مع الاكراد وحمل الجيش العارفي حملات قاسية ضد القرى الكردية وزحف الجيش الى مشارف مركزالقوة الكردية المقاتلة والعساكر تحرق الاخضر واليابس واصبحت مناظر نعوش الشهداء معتادة في الشوارع وامتنع الناس من تزويج بناتهم للشاب الذي لم يكمل العسكرية الالزامية خوفا من موتهم في الشمال وترمل بناتهم كما منع الأهل صبيانهم من التطوع الى الجيش واحتظن الجيش مهنيين متطوعين من مهاجرين اكراد يحملون شراسة القساوة ضد قراهم فظهرت ظاهرة حفرت موقعا في الذاكرة حيث كان ضباط الصف المتطوعين في الجيش من غالبية كردية مهاجرة حتى قامت احياء سكنية كردية قرب المعسكرات الدائمية للجيش في عموم المدن التي يعسكر بها الجيش في خطة مبرمجة متزامنة مع التمشيط العسكري لقرى الشمال وبشكل قاسي كان ينقل تفاصليها جنود من اهلنا شاركوا جبرا في تلك المساجلات العسكرية في اراضي وعرة لا يمتلك الوسطيون والجنوبيون قدرة الحركة فيها ..!! وتحمل الذاكرة قصصا مروية من الميدان تدمي القلب ويتفطر لها الصخر ..!!

    ولدت الفرقة المذهبية في سلوكيات غير مباشرة في الحكم العارفي يصاحبها شعب يسير متسارعا في عملية تقطيع حبال الود بين نسيجه سواء كان التقطيع الشرس اقليمي او عرقي او مذهبي ... نجح الانبات للبذرة الطائفية في الحكم العارفي وفقدت الشيعة وداعتها وتم اسغلال المآتم الحسينية للهجوم الكلامي الشرس على الحكم العارفي دون ان تتخذ الحكومة العارفية اجراءات قمع ضدهم بل سارعت الى نزع سلاح الشرطة المحلية والانضباط العسكري في المناطق التي تتواجد فيها المراسيم الحسينية فظنت جماهير الشيعة التي تم نزع الود والوداعة من نفوسها في العهد الملكي ومن ثم الجمهورية الاولى والثانية فتصور اولئك الشرسين الشيعة انهم اقوياء فاستعرت نفوسهم بشراسة مصنوعة مسبقا وتم كسر حاجب الود المذهبي في المجتمع العراقي بشكل مبرمج فتم بعد مقتل عارف تشكيل حزب يحمل الهوية الشيعية وضم جماهير كبيرة على امل ان تقوم لهم قائمة ... الا ان (أحدهم ..!!) ملك قدرا جيدا من الحكمة وربما يكون قد عرف اللعبة فاصدر امرا بحل ذلك الحزب وتفكيك كوادره

    قتل عبد السلام عارف في حادثة طائرة مروحية جنوب العراق وخلفه اخاه وهو ضابط اعاشة غير ممدوح في اتقاد قدراته القيادية وقد تم تنصيبه بشكل ملفت للنظر وسط استغراب جماهيري لان شقيق الرئيس المقتول لم يكن يشغل مساحة سياسية تؤهله للجلوس على كرسي الرئاسة حيث كان يتصدى للعمل السياسي اسماء لامعة ملكت عقلانية متقدة وهي معروفة المنهج ... الا ان خيوطا غير مرئية وضعت للمقعد الرئاسي شخصية محددة الصفات لمرحلة آتية يراد منها الثأر الثوري لرئاسة متميعة فكانت الخطة المستقرأة تشير الى منح كرسي الرئاسة صفة الخمول ليكون الثائر القادم يمتلك صفة العنفوان الرئاسي وهذا ما حصل في ذاكرة غريبة اكتنزت دقائق التفاصيل لتفرغها على حرج خطر في حيازة الناس ان كتب لها ان تسري في عقول الناس ... فهي ذاكرة جيل وما هذه السطور الا تذكيرية لتذكر من نسي تلك الاحداث ومرابطها في المؤامرة

    الى لقاء في ذاكرة عراقية (3)


    الحاج عبود الخالدي
    قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

    قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ


  • #2
    رد: ذاكرة عراقية (2)

    السلام عليكم

    ان ما يجري الان في العراق ينذر بكارثة كبيرة وان النسيج الشعبي مفكك بشكل خطير وناتي بمقتبس من ذاكرتكم الكريمة فتتضح الصورة

    ((ولكن المخطط الاسود انتزع من الشرفاء اخلاقهم تحت ضغوط لم يكن ردها وتحجيمها ممكنا خصوصا وان خطة المصمم استهدفت امتصاص الحكماء ورجال الدين والمثقفين في مركب وكأنه يدار بايد عراقية ولكنه في حقيقته يمتلك مقود يتحكم به المصمم عن بعد مما افقد ذلك الجيل الحكمة التي كان يتوجب عليه بموجبها ان يرصد الفاعل الحقيقي ليجتث وجوده التنفيذي من خلال خطته السوداء فاصبح الناس بلا حكماء لان الحكماء تمت برمجتهم وفق نظم جلب فكري او ميداني ولا ننسى ان كل شريحة من كل مجتمع فيها من يبيع الضمير بدراهم بخسة فكانوا هم الرواد الذين يتقدمون رعيل الحكماء الذي يغادر موقعه الوجداني تجاه ابناء جلدته)) انتهى المقتبس

    يبدو ان حكماء اليوم مثل حكماء الامس فضاع الشباب في اوربا وامريكا فشعب العراق اما ان يكون في مدينته خائف او ان يكون مهاجرا او يعيش في خيام النازحين

    السلام عليكم

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
    يعمل...
    X