دخول

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ما معنى الاية الكريمة (( وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)) !!

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما معنى الاية الكريمة (( وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)) !!

    ما معنى الاية الكريمة ((يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ
    وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )) وما يكون ( ام الكتاب )
    !!



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...فضيلة الحاج عبود الخالدي
    في سياق الأسئلة والاستفسارات التي يثم طرحها بشكل كبير ، نورد الليلة استفسار خاص عن مفهوم ( ام الكتاب ) في نص الاية الكريمة ، يقول الحق تعالى ((يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ))
    ولا سيما ارتباط لفظي ( المحو) و ( الإثبات ) بحضور ـلفظ ( أم ) الكتاب حصرا ، دون لفظ ( الكتاب ) بشكل عام
    من القراءات في هذا الشان ، نذكر ما ورد في بعض التفاسير :
    وأما قول الله تعالى: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} فليس معناه أن المحو والإثبات في تقدير الله، بل المعنى في هذا أن الله عز وجل قد كتب ما يصيب العبد من عباده من البلاء والحرمان والموت وغير ذلك وأنه إن دعا الله تعالى أو أطاعه في صلة الرحم وغيرها لم يصبه ذلك البلاء ورزقه كثيرا أو عمره طويلا وكتب في أم الكتاب ما هو كائن من الأمرين فالمحو والإثبات راجع إلى أحد الكتابين كما أشار إليه ابن عباس، فقد روى البيهقي عن ابن عباس في قول الله عز وجل {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}، قال: يمحو الله ما يشاء من أحد الكتابين، هما كتابان يمحو الله ما يشاء من أحدهما ويثبت وعنده أم الكتاب. انتهى )) .

    الوقوف على فهم ما يكون ( ام الكتاب )!! سيعيوننا كثيرا عل فهم العديد من الايات الاخرى المتعلقة في الفرق بين ( الكتاب ) والقرءان و ( الذكر )
    فشكرا جزيلا لمتابعتكم ، و كل التقدير والامتنان لجهودكم الكريمة في الرد على محمل هته الاستفسارات ، وحرصكم الكبير على تدليل كل ( فهم ) و تيسير كل ( تذكرة )
    رعاكم المولى ... وادام عليكم كل علم ومعرفة
    والسلام عليكم ورحمة الله

    ملحوظة : يسعدنا ان نؤكد على جميع الاخوة والمتتبعين من ( الزوار) والاعضاء ان أبواب ( المعهد ) مفتوحة للرد على جميع ( استفساراتهم ) سواء بمراسلتنا عبر خاصية ( رسائل المعهد ) او المشاركة وطرح استفساراتكم مباشرة في دوحات وأبواب المعهد .
    شكرا لكم
    والسلام عليكم
    .................................................
    سقوط ألآلـِهـَه
    من أجل بيان الشاهد والمشهود في شهادة ان لا إله الا الله

    سقوط ألآلـِهـَه

  • #2
    احجز هنا مقعدا يخولني العودة ان شاء الله تعالى

    طرح جميل ويستحق الثناء والرجوع ،

    وفقكم الله تعالى ...........

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      بدءا نتقدم بالشكر الكبير للاشراف العام على تبني برامجية نشر الاسئلة الواردة للمعهد او في تثوير التساؤلات التي يستوجب اثارتها
      كما نقف وقفة الاحترام والتقدير للاخ العزيز فضيلة الدكتور محمد الحريري ونعلن هنا ان مقعدكم في القلب اخي العالم الجليل
      محاولتنا في فهم القرءان لن تقوم على هشيم المورد التفسيري ذلك لان التفسير يمثل (معلومه) يتم دحرجتها في سبل معارف الناس اما مشروعنا فهو في محور (التذكير) فمنهم من يذكر ومنهم من لا يذكر حسب مشيئة الله ذلك لان طروحاتنا تعتمد على قيام الذكرى من القرءان المرتبط بالعقل فالقرءان هو ذي ذكر ... نقرأ الاثارة في الرابط ادناه ونستكمل التذكرة

      الكتاب والقرءان والذكر

      الكتاب هو الوعاء التنفيذي للخلق اجمالا والعقل المستقل يدرك تلك الراشده فاي شيء يحدث للانسان تراه ينطق بالحق (هذا ما كتبه الله لنا) وحامل العقل المؤمن بالله يعلم ان الاوكسجين (مثلا) هو من خلق الهي وان مرابط الاوكسجين وتكوينته وتفاعلاته الكيميائية وصفاته الفيزيائية وعدده الذري و ..و .. ما هي الا (ما كتبه الله) لذلك المخلوق الذي نسميه اوكسجين فهو عنصر من عناصر الخلق وتلك من فطرة عقل يدعمها النص القرءاني ويمكن لحامل العقل ان يتلقفها بوضوح بالغ
      (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59)
      ذلك هو الكتاب في تذكرة عقلانية يقيمها القرءان ذي الذكر وحين نتعامل مع اية البيوع في القرءان سنجد ان صفة الكتاب وردت في اطول اية في القرءان (فاكتبوه) لتعريف العقل الحامل للقرءان بصفات الكتاب كما جاء في ادراجنا المشار الى رابطه اعلاه
      ما من حراك يجري في الخلق الا في (ما كتبه الله) فالله موصوف في القرءان بصفة تمنحنا فهما دقيقا لمقاصده الشريفة في (وعنده ام الكتاب)
      (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يّـس:83)
      الام نعرفها في مقاصدنا الفطرية فهي ولادة (تلد) فهي وعاء الخلق الذي يلد مرابط الخلق فالام لا تخلق جنينها بل تقوم بتشغيل منظومة التكوين فلفظ أم في علم الحرف هو (مشغل تكويني) فهي صفة مخلوقة ولن تخلق فلا يستطيع المخلوق ان يضفي فاعلية الامومة في غير ما كتبه الله لتلك المنظومة التشغيلية فيكون الفهم (وعنده أم الكتاب) واضحة المقاصد في تأكيد إلهي الى ان صفة التشغيل التكويني تقع حصرا بيد الله ولن تكون نتيجة حراك المخلوق مهما بلغ به الطول العلمي والتقني
      لا يمكن للعلم والذين يمارسون المعلومة العلمية ان يصنعوا صفة الامومة في الخلق او في كل شأن يمثل حراك الخلق ولعل اكبر دليل معاصر هو الجهد التقني الجبار الذي انكفأ على اعقابه في محاولة العلماء في مختبر سويسرا لرفع سرعة الجسيمات المادية (تعجيل جسيمي) الى اسرع من الضوء لتحقيق (الانفجار الكبير) الا ان الجهود فشلت كما فشل ما قبلها لان سنن الخلق المركزية هي (أم الكتاب) الذي كتبه الله في خلقه ولا يمكن تجاوزه
      وعنده أم الكتاب في المقاصد الشريفة تعني ان نظريات علماء العصر انما هي تراهات المخلوق في شأن الخالق مثل نظرية التطور والارتقاء لداروين الذين جعل الامومة في (الطبيعة) او مثل نظرية (نشوء الكون) أي ما تسمى بنظرية (الانفجار العظيم) وهنلك كثير كثير من النظريات العلمية التي يستسخفها البيان القرءاني مثل نظرية الهليوم في الشمس او نظرية تاريخ الزمن او ..او ... وجميعها تقع في دحض بياني قرءاني ارسله الله كرسالة للبشر (وعنده ام الكتاب) و (بيده ملكوت كل شيء) ... فحين يتحدثون عن الكيمياء انما يتحدثون عن إله اسمه (الكيمياء) وحين يتحدثون عن الفيزياء انما يتحدثون عن اله اسمه الفيزياء ومثلها حين يتحدثون عن البايولوجيا فانهم انما يصفونها بصفتها إله متأله
      المصيبة ان المسلمين يلتهمون كل تلك العلوم بصفاتها الكافرة وهم لا يعلمون مكامن الكفر التي تعتريها فاصبح الخلط الفكري عند المسلمين في مخاطر خطيرة تزيد من غضبة الله عليهم لانهم هجروا كلام الله واتكأوا على كلام البشر كما جاء في تفسيرات (وعنده ام الكتاب)
      بين الذكرى وضديدها يد الهية حاكمة
      (وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
      اللهم نسألك البيان فانت الذي فطرت عقولنا وانت الذي ارسلت الينا رسالتك بلسان عربي مبين وبيدك ملكوت كل شيء وقد (كتبت) على نفسك القدوس (الرحمة)

      السلام عليكم
      قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

      قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

      تعليق


      • #4
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورضوانه ،،

        وها نحن عدنا :

        (( يمحو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ،وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ.))...........
        قيل فيها : إن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه يمحو ما يشاء مما كتبه معلقاً بالشروط وانتفاء الموانع، ويثبت ما يشاء من ذلك، {وعنده أم الكتاب} وهي الصحف التي عند الله فوق عرشه كتَبَ فيها ما هو كائن، فتلك الصحف ليس فيها تعليق بالشروط ولا بانتفاء الموانع.

        وأما اللوح المحفوظ فيكتب فيه الأمر مشروطاً بالشروط وبانتفاء الموانع، ولذلك فالملائكة إنما يعرفون ما كتب في اللوح المحفوظ أو ما تكلم الله به، فإذا تكلم الله بشيء من قدره اهتز له الملائكة فرعبوا له، فإذا سري عنه قالوا: {ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}، فيجيبهم جبريل عليه السلام بما أمر الله به من أمره، فذلك عندما يفزع عن صدورهم أي يزول عنهم الفزع: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} فيكتب الله تعالى في اللوح المحفوظ مقادير الأمور مشروطة بالشروط وانتفاء الموانع فيقال مثلاً: فلان بن فلان إذا وصل رحمه أو إذا تصدق بكذا زيد عمره بكذا، وإذا لم يفعل مات في الوقت الفلاني، فملك الموت لا يدري هل سيفعل ذلك أو لا يفعله لأن هذا من الغيب الحقيقي الذي اختص الله به، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} في خمسٍ لا يعلمهن إلا الله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فملك الموت إنما يطَّلعُ على ذلك مشروطاً بالشروط وانتفاء الموانع، ودليل هذا ما أخرجاه في الصحيحين أن ملك الموت أتى موسى عليه السلام عندما حان أجله فأراد قبض روحه فصكه على عينه ففقأ عينه أي عين تلك الصورة التي ظهر فيها، فرجع إلى ربه فقال: أي رب أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، فكلَّم الله موسى عليه السلام فعرض عليه أن يطول عمره أن يضع يده على صفحة ثور فله بكل شعرة سنة، فقال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت قال: أما إذا كان لا بد منه فالآن، فلذلك لم يكن ملك الموت يعلم أن عمر موسى قد تأخر قليلاً في تلك اللحظة، إنما كان يعلم أنه كتب أنه سيموت في تلك اللحظة إذا أدى شرطاً أو إذا انتفى مانع، فخفي عليه ذلك وقد علمه الله سبحانه وتعالى وهو في أم الكتاب عنده، فلذلك قال: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} أي من اللوح المحفوظ، {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} وهي الصحف التي عنده فوق عرشه ليس فيها محو ولا تبديل، فكل ما فيها فهو على حاله.


        ** والواقع انّ هناك طائفتين من الايات الشريفة تتعارض ظاهرا في بيان هل الانسان مسير ام مخيّر :

        *أولا طائفة التسيير :
        قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)" التوبة
        "مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)" الحديد
        وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا" (145) آل عمران
        "وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)" الحجر
        "وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)" الإسراء
        "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)" فاطر
        "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)" الحجر
        وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)" الأنعام
        كل شئ مقدر في كتاب مبين أي أنّ كل هذه الآيات تعطي معنى الجبر و التسيير..

        ** ثانيا هناك آيات محكمات تقطع بالتخيير
        ::
        "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)" المدثر
        "وَأنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)" النجم
        "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)" الزلزلة
        "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ" (286) البقرة
        "وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)" الجاثية
        ليس الأمر مقصوراً على جزاء الآخرة و لكن أيضاً كل مصاب في الدنيا هو نتيجة أعمالنا:
        "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)" الشورى
        و عقيدة المسلم أن الله كلّفه و حمّله الأمانة و جعله قادراً على الخير و على الشر:
        "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)" البلد
        "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3

        وقال فريق من اهل العلم :
        هي من أمور الغيب التي لا يعلم يقيناً سرها إلا الله. ولربما يقال هنا : لكن الغيب، كل الغيب، إلا ذات الله عز وجل، هو مجال للتفكر و التدبر و محاولة الفهم من غير خروج على صحيح الكتاب و السنة بل بالإسترشاد و الإستئناس بنصوصهما، و ذلك لأن فهم هذه الأمور بشكل أفضل هو مما يعزز اليقين و يثبت الإيمان و يسد مداخل الشيطان، فضلاً عما للعقيدة السليمة في القدر من أثر على سلوك الإنسان في سعيه و معاشه

        وفيما يلي استعراض لاقوال المفسرين للاية الكريمة ، لنقف على مدى اهتمام السلف ومدى الظاهرية في اقوال بعضهم :.
        قوله تعالى: " يمحو الله ما يشاء ويثبت " أي يمحو من ذلك الكتاب ما يشاء أن يوقعه بأهله ويأتي به. ( ويثبت) ما يشاء، أي يؤخره إلى وقته، يقال: محوت الكتاب محواً، أي أذهبت أثره. ( ويثبت) أي ويثبته، كقوله: " والذاكرين الله كثيرا والذاكرات " ( الأزاب: 35) أي والذاكرات الله.
        وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ( ويثبت) بالتخفيف، وشدد الباقون، وفي قراءة ابي عباس، واختيار أبي حاتم وأبي عبيد لكثرة من قرأ بها، لقوله: " يثبت الله الذين آمنوا " ( إبراهيم: 27). وقال ابن عمر: سمت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا السعادة والشقاوة والموت ". وقال ابن عباس: يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا أشياء، الخلق والخلق والأجل والرزق والسعادة والشقاوة، وعنه: هما كتابان سوى أم الكتاب، يمحو الله منهما ما يشاء ويثبت. " وعنده أم الكتاب " الذي لا يتغير منه شيء. قال القشيري : وقيل السعادة والشقاوة والخلق والخلق والرزق لا تتغير، فالآية فيما عدا هذه الأشياء، وفي هذا القول نوع تحكم.

        قلت: مثل هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد، وإنما يؤخذ توقيفاً، فإن صح فالقول به يجب ويوقف عنده، وإلا فتكون الآية عامة في جميع الأشياء، وهو الأظهر والله أعلم، وهذا يروى معناه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن مسعود وأبي وائل وكعب الأحبار وغيرهم، وهو قول الكلبي . وعن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. وقال ابن مسعود: اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم، وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني في السعداء، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. وكان أبو وائل يكثر أن يدعو: اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامح واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وقال كعب لعمر بن الخطاب: لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة. ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعند أم الكتاب). وقال مالك بن دينار في المرأة التي دعا لها: اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاماً فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وقد تقدم في الصحيحين عن أبي هريرة قال: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ". ومثله عن أنس بن مال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أحب " فذكره بلفظه سواء، وفيه تأويلان: أحدهما: معنوي، وهو ما يبقى بعده من الثناء الجميل والذكر الحسن، والأجر المتكرر، فكأنه لم يمت. والآخر: يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفظ، والذي في علم الله ثابت لا تبدل له، كما قال: ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب). وقيل لابن عباس لما روى الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أحب أن يمد الله في عمره وأجله ويبسط له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه " كيف يزداد في العمر والأجل؟‍ فقال: قال الله عز وجل: " هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " ( الأنعام: 2). فالأجل الأول أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته، والأجل الثاني - يعني المسمى عنده - من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلا الله، فإذا اتقى العبد ربه ووصل رحمه زاده الله في أجل عمره الأول من أجل البرزخ ما شاء، وإذا عصى وقطع رحمه نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء فيزيده في أجل البرزخ، فإذا تحتم الأجل في علمه السابق امتنع الزيادة والنقصان، لقوله تعالى: " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " ( يونس: 61) فتوافق الخبر والآية، وهذه زيادة في نفس العمر وذات الأجل على ظاهر اللفظ، في اختيار حبر الأمة، والله أعلم. وقال مجاهد: يحكم الله أمر السنة في رمضان فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء، إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة، وقد مضى القول فيه. وقال الضحاك : يمحو الله ما يشاء من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه ثواب وعقاب، وروى معناه أبو صالح عن ابن عباس. وقال الكلبي : يمحو من الرزق ويزيد فيه، ويمحو من الأجل ويزيد فيه، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم سئل الكلبي عن هذه الآية فقال: يكتب القول كله، حتى إذا كان يوم الخميس طرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب، مثل قولك: أكلت وشربت ودخلت وخرجت ونحوه، وهو صادق، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب. وقال قتادة وابن زيد وسعيد بن جبير: يمحو الله ما يشاء من الفرائض والنوافل فينسخه ويبدله، ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، وجملة الناسخ والمنسوخ عنده في أم الكتاب، ونحوه ذكره النحاس و المهدوي عن ابن عباس، قال النحاس : وحدثنا بكر بن سهل، قال حدثنا أبو صالح، وعن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ( يمحو الله ما يشاء) يقول: يبدل الله من القرآن ما يشاء فينسخه، ( ويثبت) ما يشاء فلا يبدله، ( وعنده أم الكتاب) يقول: جملة ذلك عنده في أم الكتاب، الناسخ والمنسوخ. وقال سعيد بن جبير أيضاً: يغفر ما يشاء - يعني - من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره. وقال عكرمة: يمحو ما يشاء - يعني بالتوبة - جميع الذنوب ويثبت بدل الذنوب حسنات قال تعالى: " إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا " ( الفرقان: 70) الآية. وقال الحسن ويقصد به البصري سيد التابعين رحمه الله : ( يمحو الله ما يشاء) من جاء أجله، ( ويثبت) من لم يأت أجله. وقال الحسن ( راي او تفسير ثان له ) : يمحو الآباء، ويثبت الأبناء. وعنه أيضاً نقل قول ثالث : ينسى الحفظة من الذنوب ولا يعتريه النسيان ابدا جل وتنزه عن ذلك علوا كبيرا ،. وقال السدي : ( يمحو الله ما يشاء) يعني: القمر، ( ويثبت) يعني: الشمس، بيانه قوله: " فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة " ( الإسراء: 12) وقال الربيع بن أنس: هذا في الأرواح حالة النوم، يقبضها عند النوم، ثم إذا أراد موته فجأة أمسكه، ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه، بيانه قوله: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " ( الزمر: 42) الآية. وقال علي بن أبي طالب: يمحو الله ما يشاء من القرون، كقوله: " ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون " ( يس: 31) ويثبت ما يشاء منها، كقوله: " ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " ( المؤمنون: 31) فيمحو قرناً، ويثبت قرناً. وقيل: هو الرجل يعمل الزمن الطويل بطاعة الله، ثم يعمل بمعصية الله فيموت على ضلاله، فهو الذي يمحو، والذي يثبت: الرجل يعمل بمعصية الله الزمان الطويل ثم يتوب، فيمحوه الله من ديوان السيئات، ويثبته في ديوان الحسنات، ذكره الثعلبي و الماوردي عن ابن عباس. وقيل: يمحو الله ما يشاء - يعني الدنيا - ويثبت الآخرة. وقال قيس بن عباد في اليوم العاشر من رجب: هو اليوم الذي يمحو الله فيه ما يشاء، ويثبت فيه ما يشاء، وقد تقدم عن مجاهد أن ذلك يكون في رمضان. وقال ابن عباس: إن لله لوحاً محفوظاً مسيرة خمسمائة عام، من درة بيضاء، لها دفتان من ياقوتة حمراء لله في كل يوم ثلاثمائة وستون نظرة، يثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء. وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله سيحانه يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل فينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء ". والعقيدة أنه لا تبديل لقضاء الله، وهذا المحو والإثبات مما سبق به القضاء، وقد تقدم أن من القضاء ما يكون واقعاً محتوماً، وهو الثابت، ومنه ما يكون مصروفاً بأسباب، وهو الممحو، والله أعلم. وقال الغزنوي : وعندي أن ما في اللوح خرج عن الغيب لإحاطة بعض الملائكة، فيحتمل التبديل، لأن إحاطة الخلق بجميع علم الله محال، وما في علمه من تقدير الأشياء لا يبدل.
        وكما ترون هي اقوال خاضعة للرد والمناقشة والله اعلم بصحتها ........

        ونقول بالظاهر اللغوي – والله اعلم - " وعنده أم الكتاب " أي أصل ما كتب من الآجال وغيرها. وقيل: أم الكتاب اللوح المحفوظ الذي لا يبدل ولا يغير. وقد قيل: إنه يجري فيه التبديل. وقيل: إنما يجري في الجرائد الأخر. وسئل ابن عباس عن أم الكتاب فقال: علم الله ما هو خالق. وما خلقه عاملون، فقال لعلمه: كن كتاباً، ولا تبديل في علم الله، وعنه أنه الذكر، دليله قوله تعالى: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " ( الأنبياء: 105) وهذا يرجع معناه إلى الأول، وهو معنى قول كعب. قال كعب الأحبار: أم الكتاب علم الله تعالى بما خلق وبما هو خالق.
        لكن كعبا متهم بنقل الاسرائيليات ..........وفي اللغة كما نعلم " أم الشيء " أصله ، وأم الكتاب هنا نسخته الاولى والاصلية التي لا تتبدل الا بعلم وامر صاحبها ...

        وقد روى الطبري ( ت 310 هـ‍ ) في تفسير الآية عن جمع من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يدعون الله سبحانه بتغيير المصير وإخراجهم من الشقاء - إن كتب عليهم - إلى السعادة ، مثلا كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول وهو يطوف بالكعبة : اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها ، وإن كنت كتبتني على الذنب [ الشقاوة ] فامحني وأثبتني في أهل السعادة ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب .و قال الزمخشري ( ت 528 هـ‍ ) : { يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء } ينسخ ما يستصوب نسخه ويثبت بدله ما يرى المصلحة في إثباته أو ينزله غير منسوخ ( الكشاف 2 / 169 ) ولولا اعتزاليات الزمخشري لكان المقدم في تفسيره !

        و
        قال ابن كثير شيخ المفسرين النقادين بلا منازع ( ت 774 هـ‍ ) بعد نقله قسمـا من الروايات : ومعنى هذه الروايات أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ويثبت منها ما يشاء ، وقد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد عن ثوبان مولى رسول الله قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا بالدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر " ثم نقل عن ابن عباس : " الكتاب كتابان ، فكتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت عنده ما يشاء ، وعنده أم الكتاب ، وهو ما نميل اليه ونحسبه الراجح ، وأرجو ألا اكون قد عقدت المسألة اكثر ، فقد نقلت نقولا عن السابقين والعلماء المعتبرين ،، والله اعلم ...

        تعليق


        • #5
          ******

          *أرجو من السيدة البتول الاخت وديعة او الاخ ايمن اجراء التنسيق المناسب للخط
          فانتما اقدر مني على التعامل الحاسوبي والله يرعاكم جميعا ...

          تعليق


          • #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            استفدنا كثيرا مما طرح من بيان وحقائق في هذا الشان ، ومن وجهة نظري المتواضعة : فان معرفة ما هو ( الكتاب ) بعمل دراسة ( مقارنة ) بين موصوفات الايات التي ذكرت لفظ ( الكتاب ) ولفظ ( القرءان ) ولفظ ( الذكر ) . ثلاث موصوفات نستطيع من خلالها الوقوف على حقائق عديدة .

            بدراسة للكثير من الايات التي حملت لفظ ( الكتاب ) استطعنا ان ندرك بالفطرة ، ان ( الكتاب ) له علاقة بمنظومة تنفيذية للخلق ( مع التركيز على لفظ ( تنفيذي ) )

            في اثارة غير مباشرة نستطيع ان نتوصل الى نفس المعنى في الاية الكريمة ، يقول الحق تعالى (وما جعلنا اصحاب النار الا ملائكه وما جعلنا عدتهم الا فتنه للذين كفروا ليستيقن الذين اوتوا الكتاب ويزداد الذين امنوا ايمانا ولا يرتاب الذين اوتوا الكتاب والمؤمنون ) ( المدثر : 31)

            اما عن لفظ ( ام ) فإذا استطعنا الوقوف على ان ( الكتاب هو الوعاء التنفيذي للخلق ) .. سيكون ربط ذلك المفهوم بـ ( ام ) امر ميسر للفهم ، كما طالعنا ذلك في المقال .

            فالام : هي مشغل تكويني ، لفظ ( ام ) تكرر عدة مرات في القرءان الكريم ، والاية التي نرى ان لها ارتباط كبير بنفس ( المعنى ) هي لفظ (ام القرى ) هى مكة يقول تعالى : " ولتنذر ام القرى ومن حولها " (الانعام 92) ويقول تعالى : " وكذلك اوحينا اليك قرآنا عربيا لتنذر ام القرى ) (الشورى :7 )

            فمكة اذن ( ام القرى ) هي مشغل تكويني عظيم ... بما يحمل من الاسرار والعلوم القرءانية


            سلام عليكم
            sigpic

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة د.محمد فتحي الحريري مشاهدة المشاركة
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورضوانه ،،

              وها نحن عدنا :

              (( يمحو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ،وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ.))...........
              قيل فيها : إن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه يمحو ما يشاء مما كتبه معلقاً بالشروط وانتفاء الموانع، ويثبت ما يشاء من ذلك، {وعنده أم الكتاب} وهي الصحف التي عند الله فوق عرشه كتَبَ فيها ما هو كائن، فتلك الصحف ليس فيها تعليق بالشروط ولا بانتفاء الموانع.

              وأما اللوح المحفوظ فيكتب فيه الأمر مشروطاً بالشروط وبانتفاء الموانع، ولذلك فالملائكة إنما يعرفون ما كتب في اللوح المحفوظ أو ما تكلم الله به، فإذا تكلم الله بشيء من قدره اهتز له الملائكة فرعبوا له، فإذا سري عنه قالوا: {ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}، فيجيبهم جبريل عليه السلام بما أمر الله به من أمره، فذلك عندما يفزع عن صدورهم أي يزول عنهم الفزع: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} فيكتب الله تعالى في اللوح المحفوظ مقادير الأمور مشروطة بالشروط وانتفاء الموانع فيقال مثلاً: فلان بن فلان إذا وصل رحمه أو إذا تصدق بكذا زيد عمره بكذا، وإذا لم يفعل مات في الوقت الفلاني، فملك الموت لا يدري هل سيفعل ذلك أو لا يفعله لأن هذا من الغيب الحقيقي الذي اختص الله به، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} في خمسٍ لا يعلمهن إلا الله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فملك الموت إنما يطَّلعُ على ذلك مشروطاً بالشروط وانتفاء الموانع، ودليل هذا ما أخرجاه في الصحيحين أن ملك الموت أتى موسى عليه السلام عندما حان أجله فأراد قبض روحه فصكه على عينه ففقأ عينه أي عين تلك الصورة التي ظهر فيها، فرجع إلى ربه فقال: أي رب أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، فكلَّم الله موسى عليه السلام فعرض عليه أن يطول عمره أن يضع يده على صفحة ثور فله بكل شعرة سنة، فقال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت قال: أما إذا كان لا بد منه فالآن، فلذلك لم يكن ملك الموت يعلم أن عمر موسى قد تأخر قليلاً في تلك اللحظة، إنما كان يعلم أنه كتب أنه سيموت في تلك اللحظة إذا أدى شرطاً أو إذا انتفى مانع، فخفي عليه ذلك وقد علمه الله سبحانه وتعالى وهو في أم الكتاب عنده، فلذلك قال: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} أي من اللوح المحفوظ، {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} وهي الصحف التي عنده فوق عرشه ليس فيها محو ولا تبديل، فكل ما فيها فهو على حاله.


              ** والواقع انّ هناك طائفتين من الايات الشريفة تتعارض ظاهرا في بيان هل الانسان مسير ام مخيّر :

              *أولا طائفة التسيير :
              قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)" التوبة
              "مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)" الحديد
              وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا" (145) آل عمران
              "وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)" الحجر
              "وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)" الإسراء
              "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)" فاطر
              "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)" الحجر
              وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)" الأنعام
              كل شئ مقدر في كتاب مبين أي أنّ كل هذه الآيات تعطي معنى الجبر و التسيير..

              ** ثانيا هناك آيات محكمات تقطع بالتخيير
              ::
              "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)" المدثر
              "وَأنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)" النجم
              "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)" الزلزلة
              "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ" (286) البقرة
              "وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)" الجاثية
              ليس الأمر مقصوراً على جزاء الآخرة و لكن أيضاً كل مصاب في الدنيا هو نتيجة أعمالنا:
              "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)" الشورى
              و عقيدة المسلم أن الله كلّفه و حمّله الأمانة و جعله قادراً على الخير و على الشر:
              "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)" البلد
              "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3

              وقال فريق من اهل العلم :
              هي من أمور الغيب التي لا يعلم يقيناً سرها إلا الله. ولربما يقال هنا : لكن الغيب، كل الغيب، إلا ذات الله عز وجل، هو مجال للتفكر و التدبر و محاولة الفهم من غير خروج على صحيح الكتاب و السنة بل بالإسترشاد و الإستئناس بنصوصهما، و ذلك لأن فهم هذه الأمور بشكل أفضل هو مما يعزز اليقين و يثبت الإيمان و يسد مداخل الشيطان، فضلاً عما للعقيدة السليمة في القدر من أثر على سلوك الإنسان في سعيه و معاشه

              وفيما يلي استعراض لاقوال المفسرين للاية الكريمة ، لنقف على مدى اهتمام السلف ومدى الظاهرية في اقوال بعضهم :.
              قوله تعالى: " يمحو الله ما يشاء ويثبت " أي يمحو من ذلك الكتاب ما يشاء أن يوقعه بأهله ويأتي به. ( ويثبت) ما يشاء، أي يؤخره إلى وقته، يقال: محوت الكتاب محواً، أي أذهبت أثره. ( ويثبت) أي ويثبته، كقوله: " والذاكرين الله كثيرا والذاكرات " ( الأزاب: 35) أي والذاكرات الله.
              وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ( ويثبت) بالتخفيف، وشدد الباقون، وفي قراءة ابي عباس، واختيار أبي حاتم وأبي عبيد لكثرة من قرأ بها، لقوله: " يثبت الله الذين آمنوا " ( إبراهيم: 27). وقال ابن عمر: سمت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا السعادة والشقاوة والموت ". وقال ابن عباس: يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا أشياء، الخلق والخلق والأجل والرزق والسعادة والشقاوة، وعنه: هما كتابان سوى أم الكتاب، يمحو الله منهما ما يشاء ويثبت. " وعنده أم الكتاب " الذي لا يتغير منه شيء. قال القشيري : وقيل السعادة والشقاوة والخلق والخلق والرزق لا تتغير، فالآية فيما عدا هذه الأشياء، وفي هذا القول نوع تحكم.

              قلت: مثل هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد، وإنما يؤخذ توقيفاً، فإن صح فالقول به يجب ويوقف عنده، وإلا فتكون الآية عامة في جميع الأشياء، وهو الأظهر والله أعلم، وهذا يروى معناه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن مسعود وأبي وائل وكعب الأحبار وغيرهم، وهو قول الكلبي . وعن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. وقال ابن مسعود: اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم، وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني في السعداء، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. وكان أبو وائل يكثر أن يدعو: اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامح واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وقال كعب لعمر بن الخطاب: لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة. ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعند أم الكتاب). وقال مالك بن دينار في المرأة التي دعا لها: اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاماً فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وقد تقدم في الصحيحين عن أبي هريرة قال: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ". ومثله عن أنس بن مال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أحب " فذكره بلفظه سواء، وفيه تأويلان: أحدهما: معنوي، وهو ما يبقى بعده من الثناء الجميل والذكر الحسن، والأجر المتكرر، فكأنه لم يمت. والآخر: يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفظ، والذي في علم الله ثابت لا تبدل له، كما قال: ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب). وقيل لابن عباس لما روى الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أحب أن يمد الله في عمره وأجله ويبسط له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه " كيف يزداد في العمر والأجل؟‍ فقال: قال الله عز وجل: " هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " ( الأنعام: 2). فالأجل الأول أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته، والأجل الثاني - يعني المسمى عنده - من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلا الله، فإذا اتقى العبد ربه ووصل رحمه زاده الله في أجل عمره الأول من أجل البرزخ ما شاء، وإذا عصى وقطع رحمه نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء فيزيده في أجل البرزخ، فإذا تحتم الأجل في علمه السابق امتنع الزيادة والنقصان، لقوله تعالى: " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " ( يونس: 61) فتوافق الخبر والآية، وهذه زيادة في نفس العمر وذات الأجل على ظاهر اللفظ، في اختيار حبر الأمة، والله أعلم. وقال مجاهد: يحكم الله أمر السنة في رمضان فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء، إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة، وقد مضى القول فيه. وقال الضحاك : يمحو الله ما يشاء من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه ثواب وعقاب، وروى معناه أبو صالح عن ابن عباس. وقال الكلبي : يمحو من الرزق ويزيد فيه، ويمحو من الأجل ويزيد فيه، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم سئل الكلبي عن هذه الآية فقال: يكتب القول كله، حتى إذا كان يوم الخميس طرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب، مثل قولك: أكلت وشربت ودخلت وخرجت ونحوه، وهو صادق، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب. وقال قتادة وابن زيد وسعيد بن جبير: يمحو الله ما يشاء من الفرائض والنوافل فينسخه ويبدله، ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، وجملة الناسخ والمنسوخ عنده في أم الكتاب، ونحوه ذكره النحاس و المهدوي عن ابن عباس، قال النحاس : وحدثنا بكر بن سهل، قال حدثنا أبو صالح، وعن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ( يمحو الله ما يشاء) يقول: يبدل الله من القرآن ما يشاء فينسخه، ( ويثبت) ما يشاء فلا يبدله، ( وعنده أم الكتاب) يقول: جملة ذلك عنده في أم الكتاب، الناسخ والمنسوخ. وقال سعيد بن جبير أيضاً: يغفر ما يشاء - يعني - من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره. وقال عكرمة: يمحو ما يشاء - يعني بالتوبة - جميع الذنوب ويثبت بدل الذنوب حسنات قال تعالى: " إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا " ( الفرقان: 70) الآية. وقال الحسن ويقصد به البصري سيد التابعين رحمه الله : ( يمحو الله ما يشاء) من جاء أجله، ( ويثبت) من لم يأت أجله. وقال الحسن ( راي او تفسير ثان له ) : يمحو الآباء، ويثبت الأبناء. وعنه أيضاً نقل قول ثالث : ينسى الحفظة من الذنوب ولا يعتريه النسيان ابدا جل وتنزه عن ذلك علوا كبيرا ،. وقال السدي : ( يمحو الله ما يشاء) يعني: القمر، ( ويثبت) يعني: الشمس، بيانه قوله: " فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة " ( الإسراء: 12) وقال الربيع بن أنس: هذا في الأرواح حالة النوم، يقبضها عند النوم، ثم إذا أراد موته فجأة أمسكه، ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه، بيانه قوله: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " ( الزمر: 42) الآية. وقال علي بن أبي طالب: يمحو الله ما يشاء من القرون، كقوله: " ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون " ( يس: 31) ويثبت ما يشاء منها، كقوله: " ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " ( المؤمنون: 31) فيمحو قرناً، ويثبت قرناً. وقيل: هو الرجل يعمل الزمن الطويل بطاعة الله، ثم يعمل بمعصية الله فيموت على ضلاله، فهو الذي يمحو، والذي يثبت: الرجل يعمل بمعصية الله الزمان الطويل ثم يتوب، فيمحوه الله من ديوان السيئات، ويثبته في ديوان الحسنات، ذكره الثعلبي و الماوردي عن ابن عباس. وقيل: يمحو الله ما يشاء - يعني الدنيا - ويثبت الآخرة. وقال قيس بن عباد في اليوم العاشر من رجب: هو اليوم الذي يمحو الله فيه ما يشاء، ويثبت فيه ما يشاء، وقد تقدم عن مجاهد أن ذلك يكون في رمضان. وقال ابن عباس: إن لله لوحاً محفوظاً مسيرة خمسمائة عام، من درة بيضاء، لها دفتان من ياقوتة حمراء لله في كل يوم ثلاثمائة وستون نظرة، يثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء. وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله سيحانه يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل فينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء ". والعقيدة أنه لا تبديل لقضاء الله، وهذا المحو والإثبات مما سبق به القضاء، وقد تقدم أن من القضاء ما يكون واقعاً محتوماً، وهو الثابت، ومنه ما يكون مصروفاً بأسباب، وهو الممحو، والله أعلم. وقال الغزنوي : وعندي أن ما في اللوح خرج عن الغيب لإحاطة بعض الملائكة، فيحتمل التبديل، لأن إحاطة الخلق بجميع علم الله محال، وما في علمه من تقدير الأشياء لا يبدل.
              وكما ترون هي اقوال خاضعة للرد والمناقشة والله اعلم بصحتها ........

              ونقول بالظاهر اللغوي – والله اعلم - " وعنده أم الكتاب " أي أصل ما كتب من الآجال وغيرها. وقيل: أم الكتاب اللوح المحفوظ الذي لا يبدل ولا يغير. وقد قيل: إنه يجري فيه التبديل. وقيل: إنما يجري في الجرائد الأخر. وسئل ابن عباس عن أم الكتاب فقال: علم الله ما هو خالق. وما خلقه عاملون، فقال لعلمه: كن كتاباً، ولا تبديل في علم الله، وعنه أنه الذكر، دليله قوله تعالى: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " ( الأنبياء: 105) وهذا يرجع معناه إلى الأول، وهو معنى قول كعب. قال كعب الأحبار: أم الكتاب علم الله تعالى بما خلق وبما هو خالق.
              لكن كعبا متهم بنقل الاسرائيليات ..........وفي اللغة كما نعلم " أم الشيء " أصله ، وأم الكتاب هنا نسخته الاولى والاصلية التي لا تتبدل الا بعلم وامر صاحبها ...

              وقد روى الطبري ( ت 310 هـ‍ ) في تفسير الآية عن جمع من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يدعون الله سبحانه بتغيير المصير وإخراجهم من الشقاء - إن كتب عليهم - إلى السعادة ، مثلا كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول وهو يطوف بالكعبة : اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها ، وإن كنت كتبتني على الذنب [ الشقاوة ] فامحني وأثبتني في أهل السعادة ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب .و قال الزمخشري ( ت 528 هـ‍ ) : { يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء } ينسخ ما يستصوب نسخه ويثبت بدله ما يرى المصلحة في إثباته أو ينزله غير منسوخ ( الكشاف 2 / 169 ) ولولا اعتزاليات الزمخشري لكان المقدم في تفسيره !

              و
              قال ابن كثير شيخ المفسرين النقادين بلا منازع ( ت 774 هـ‍ ) بعد نقله قسمـا من الروايات : ومعنى هذه الروايات أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ويثبت منها ما يشاء ، وقد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد عن ثوبان مولى رسول الله قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا بالدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر " ثم نقل عن ابن عباس : " الكتاب كتابان ، فكتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت عنده ما يشاء ، وعنده أم الكتاب ، وهو ما نميل اليه ونحسبه الراجح ، وأرجو ألا اكون قد عقدت المسألة اكثر ، فقد نقلت نقولا عن السابقين والعلماء المعتبرين ،، والله اعلم ...
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خير جزاء المحسنين اخي فضيلة الدكتور محمد الحريري على هذا النقل الوفير من الرواية في الفكر الاسلامي
              ونرى وقد يرى فضيلتكم ومن يمر من هنا أن :
              هنلك اضطراب واضح في مدرسة التفسير مما يصعب توحيده ونحن لا نملك محو قول احدا منهم فالقول في التفسير قول قد صدر من مجتهدين في شأنهم هم ولن يكون في شأننا فالرجل الذي يريد تغيير الجنين في رحم زوجه من انثى الى ذكر على ناصية ءاية (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) فذلك الرجل اجتهد في شأنه ومثله في حجيج عمر بن الخطاب وهو شأن من شؤون ما دعا به عمر لنفسه
              دستورية القرءان في يومنا يمكن ان تندرج تحت حاجة يومنا وليس حاجة لمسلم عاش في التاريخ ونتسائل لنثور في العقل
              الاحتباس الحراري
              اليوم يعتبر ظاهرة سوء
              ذلك السوء ناتج من عدم تحلل مركبات الكاربون الصادرة من حرق النفط ..
              تلك الصفة في مركبات الكربون هي من خلق الهي وهي من نظام الهي (أم الكتاب) فالكربون الذي لا يقبل التحلل من مركباته تسبب في (تشغيل) تكويني اخر الا وهو الاحتباس الحراري في الارض
              تلك حاجة في زمننا نريد ان نربطها بدستورنا (القرءان) لننجو ..!!
              تلك الحاجة سوف لن ترتبط بما كان قائما في حاجة الاجداد وتلك (أم الازمة) التي نعيشها مع المادة العقائدية من غير القرءان فالاجداد ما كان عندهم سنة ابتلاع قرص الاسبرين مثلا لكي يعلمونا بحلاله او حرامه وحين تصدى له مسلمي اليوم لقرص الاسبرين قالوا في حلاله لان اصل الاشياء الاباحة فلفظ قرص الاسبرين ما كان في الاجداد ولم يكن لذلك القرص ممارسة في يومياتهم
              تساؤل ..!!
              هل الله سيمحو ظاهرة الاحتباس الحراري ...؟؟
              هل الله سيثبت الاحتباس الحراري ..!! ؟؟
              هنا سنكون مضطرين للبحث عن مشيئة الله في هذه الحاجة حصرا دون غيرها
              حين نبحر في بحور القرءان سنجد تلك المشيئة واضحة
              (وَلَوْ أَنَّ قُرءاناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (الرعد:31)
              لو يشاء الله لهدى الناس جميعا في رابط مؤكد مع (لو ان قرءانا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى) وهي مرابط علمية مع القرءان والحاجة مرتبطة حصرا مع (ولا يزال) في حصول (قارعة) وتلك القارعة ليست من نازلة إلهية بل هي (تصيبهم بما صنعوا) ..!!
              وهنلك وعد إلهي ليس له (مختلف)
              من تلك الممارسة (المعاصرة) يكون القرءان معنا في فهم ما يجري ووضع دستورية حق قرءانية فيما يجب ان يكون عليه حامل القرءان
              فهل الله سوف يمحو الاحتباس الحراري ..؟ أم انه سيثبت ذلك الكتاب الذي كتبه هو في ان يكون الكربون الصادر من احتراق النفط غير قابل للتحلل من مركباته وهي في (أم الكتاب) من (عند) الله فهل سيمحوا الله (المشغل التكويني) الذي (شغل) الاحتباس الحراري أم يثبته ..؟؟ نجد مشيئة الله في سورة الرعد وان هنلك وعد يجب ان يتحقق
              ولو اراد حامل القرءان ان يبحث في سبل النجاة من تلك الظاهرة فان القرءان سيمنح حملته المسرب الذي سوف ينجيهم من الاحتباس الحراري لحين قيام الوعد لانه قرءان يهدي للتي هي اقوم
              ذلك هو مشروعنا في القرءان
              ولو اردنا ان نختار من المادة التفسيرية اي بند من بنودها فانها ستبقينا في حاجات كانت في الاجداد وهي تختلف عن حاجات يومنا المعاصر
              اما لو اردنا اختيار ما مقتبسه مثلا
              وقال ابن عباس: إن لله لوحاً محفوظاً مسيرة خمسمائة عام، من درة بيضاء، لها دفتان من ياقوتة حمراء لله في كل يوم ثلاثمائة وستون نظرة، يثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء. وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله سيحانه يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل فينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء ".
              فان الاختيار سوف لن يمتلك اي ماسكة لمسكها من اجل ان يكون القرءان دستور المسلم ولا يمكن البحث عن الدرة البيضاء والياقوتة الحمراء ولا يمكن ان يسير الباحث في تصوراته العلمية مسيرة (خمسمائة عام) ليتعرف على مقاصد الله في (أم الكتاب)
              جاجتنا اليوم لقرءاننا تجبرنا على مواجهة القرءان وجها لوجه
              وقفة تقدير واعتزاز لجهودكم البحثية معنا عسى ان ينجينا الله واياكم من سوء ما يكفر به المتحضرون
              سلام عليكم
              قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله

              قلمي يأبى أن تكون ولايته للتأريخ

              تعليق


              • #8
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

                بارك الله فيكم وأحسن إليكم،

                يذكرنا الله تعالى بقوله: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:106)
                (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7)

                ((لكل أجل كتاب)).

                محكمة الآيات هي التي توصل إلى اليقين فهي الأم التي تولد الكتاب.
                ولنا في رؤية إبراهيم (ع) أسوة حسنة وهو يحتكم في آيات.. فإشتبه حينما قال الكوكب ربي ثم القمر ثم الشمس. حتى وصل إلى السموات والأرض ومن ثم توصل إلى فاطر قد فطرهن ليكون من الموقنين ثم ليكون للناس (إمام).

                في المحكمة نشاهد مشتبه به وهناك أدلة تدينه وأدلة أخرى تطعن بتلك الأدلة التي تشتبه به. ثم يكون للمحكمة كتاب حكم تحكم من خلاله بالمشتبه به. فهذه الفاعلية في التحقيق والإثبات والتدقيق تكون أما للكتاب.

                (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) (يوسف:45) فبعد أن خاض فاعلية في التحقيق والإثبات والتدقيق كان له كتابا كي ينجو.







                سلام عليكم،
                رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ
                وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي
                إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ

                رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ،، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ،، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ،، يَفْقَهُوا قَوْلِي

                تعليق


                • #9
                  رد: ما معنى الاية الكريمة (( وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)) !!

                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  نرفع من قيمة هذا ( المبحث ) الهام ، لنستقرأ العديد من الحقائق ، التي حملتها مشاركات واضافات الاخوة من خلال حواراتهم القيمة ،فجزاكم الله عنا وعن الاسلام كل خير - سلام عليكم
                  .................................................
                  سقوط ألآلـِهـَه
                  من أجل بيان الشاهد والمشهود في شهادة ان لا إله الا الله

                  سقوط ألآلـِهـَه

                  تعليق

                  الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                  يعمل...
                  X