دخول

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ظاهرة حرب العوالم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ظاهرة حرب العوالم


    بسم ءلله الرحمن الرحيم
    ظاهرة حرب العوالم

    في عام 1884 اقترب المريخ من الأرض لدرجة رؤيته بالعين المجردة. وحينها ظهرت إشاعة بأن المريخ سيرتطم بالأرض في حين ادعى آخرون أن سكانه (الأكثر تطورا) يقتربون عُنوة لغزو الأرض وإبادة البشر.. وزاد الطينة بله اكتشاف الفلكي الإيطالي جيوفاني شياباريلي قنوات مائية عملاقة على سطحه مما أعطى تأكيدا لوجود حضارة متقدمة فوقه..
    ومن وحي هذه الأجواء المتوترة كتب الانجليزي جورج ويلز عام 1889روايته المشهورة «حرب العوالم» (التي ظهرت كفيلم عام 2005 ).. وتتمحور القصة حول غزو الأرض وإبادة البشر من قبل مدرعات مريخية تسير على أرجل آلية عملاقة. وخلال أيام قليلة فقط تنجح هذه المدرعات في قتل ملايين الناس ولم تفلح أي قوة على الأرض في إيقافها أو هزيمتها.. وحين أيقن البشر أنهم منقرضون لا محالة توقفت الآلات فجأة وبدأت تتهاوى أمام استغراب من تبقى من سكان الأرض..
    وسرعان ما اتضح أن الكائنات المريخية - التي تقود آلات القتل العملاقة - لاتملك مناعة ضد جراثيم الأرض مما أدى لإصابتها بأمراض فتاكة قتلتها بسرعة.. وفي المقابل لم تؤثر هذه الجراثيم على البشر كونهم تآلفوا معها منذ القدم (حيث مات من مات) وامتلك من تبقى من الأجيال التالية مناعة ضدها !!
    ... ما يدهشني شخصيا في هذه الرواية ليس فقط قدرة ويلز على التنبؤ باختراعات كثيرة معاصرة بل وفهمه العميق لطبيعة الجراثيم وقدرة البشرعلى امتلاك «حصانة» ضدها.. فمنذ الأزل والجراثيم الجديدة تظهر وتتوالد وتسبب أمراضاً خطيرة غير معروفة من قبل. ولأنها جراثيم جديدة (لا يملك الناس مناعة ضدها) تبدأ بحصد ملايين الأرواح بسرعة خارقة - كما فعلت أوبئة كثيرة عبر التاريخ. وحين يعجز البشر عن فعل شيء حيالها ويعتقدون أنها نهاية الجنس البشري ينحسر المرض (فجأة) ويتراجع طوفان الوفيات بلا سبب واضح...
    ولكن الحقيقة هي أن أجهزة المناعة في أجسادنا تحتاج الى وقت للتعرف على الجراثيم الجديدة وصنع مضادات لها (وحتى تفعل ذلك؛ يكون ملايين البشر قد ماتوا فعلا). وما أن تنجح في صنع المضادات الملائمة حتى تشن «هجوما مضادا» يقضي على جراثيم المرض فيصبح البشر - وأجيالهم التالية - محصنين ضدها للأبد (.. وهذا ما فهمه ويلز في روايته حين استثنى البشر من الوفاة بالجراثيم الفتاكة)!!
    هذه الظاهرة العجيبة أنقذت الجنس البشري من الانقراض في عصور عديدة سابقة ؛ ففي عصر الفتوحات الإسلامية مثلا قتل الطاعون أضعاف أضعاف من استشهد في فتوحات الشام والعراق - قبل أن يختفي فجأة بلا سبب واضح. وفي عام 166 قبل الميلاد هز الجدري أركان الإمبراطورية الرومانية وتسبب بوفاة 2000 شخص يوميا في روما وحدها. وفي عام 410 دمر البرابرة الامبراطورية الرومانية وعاثوا في أوروبا فسادا قبل أن يتساقطوا صرعى بسبب جراثيم غامضة لم تضر السكان المحليين (الذين كانوا يملكون مناعة ضدها ).. وحين اكتشف الأوروبيون الأمريكتين نقلوا معهم جراثيم (تعد مسالمة بالنسبة لهم) لكنها تعتبر جديدة بالنسبة للقبائل الهندية في القارتين. وكانت النتيجة وفاة ملايين الهنود الحمر نتيجة أمراض «بسيطة» حملها الأوروبيون معهم كالانفلونزا والحصبة والعنقز (قبل أن تتوقف من تلقاء نفسها خلال ثلاثة أجيال)..
    أما الطاعون (أو الموت الأسود) الذي انتشر قبل 700 عام فيعد حتى اليوم صاحب الرقم القياسي وكاد يقضي بالفعل على كافة البشر.. فقد ظهر أولا في آسيا الوسطى وقضى على 75٪ من سكانها ثم انتقل إلى الصين وقضى على نصف أهلها، ثم وصل الى أوروبا - عن طريق تجار البندقية - فقضى على ثلث سكانها ( وفي كل مرة يتوقف في أوج عنفوانه ويبدأ بالانحسار بلا سبب مفهوم ) !
    الخبر السعيد - هذه الأيام - أن مرض الإيدز (رغم كل المبالغات حوله) وصل الى ذروته حاليا واستقرت الإصابات عند مستوى ثابت لأول مرة منذ 25 عاماً.. وهذا يعني أن الجنس البشري بدأ يبني منظومة مناعية ضد الأيدز مما يرشحه للانضمام لقائمة الأمراض المنقرضة عبر التاريخ (كالجدري والطاعون)... وهذا ما أطلق عليه «ظاهرة حرب العوالم»...
    .
    لاتستبدلو ولاية ءلله تعالى بالولايات الجاهلية
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X